خرج الأمير محمد بنفسه إلى طليطلة في المحرم. فلما علم أهلها بذلك، أرسلوا إلى أردن بن إذفونش صاحب جليقية، يعلمونه بحركته ويستمدون به. فبعث إليهم أخاه غثون في جمع عظيم من النصارى. فلما اتصل ذلك بالأمير محمد، وقد كان قارب طليطلة، أعمل الحيلة والكيد، واستشعر الحزم؛ فعبأ الجيوش، وكمن الكمائن بناحية وادي سليط؛ ثم نصب الردود، وطلع في أوائل العسكر في قلة من العدد. فلما رأى ذلك أهل طليطلة، أعلموا العلج بما عاينوه من قلة المسلمين؛ فتحرك العلج فرحا، وقد طمع في الظفر والغنيمة وانتهاز الفرصة. فلما التقى الجمعان، خرجت الكمائن عن يمين وشمال، وتواترت الخيل أرسالا على أرسال، حتى غشى الأعداء منهم ظلل كالجبال؛ فانهزم المشركون وأهل طليطلة، وأخذتهم السلاح، هذا بالسيوف، وطعنا بالرماح؛ فقتل الله عامتهم، وأباد جماعتهم. وحز من رؤوسهم مما كان في المعركة وحواليها ثمانية آلاف رأس، وجمعت ورصعت؛ فصار منها جبل علاه المسلمون، يكبرون ويهللون ويحمدون ربهم ويشكرون. وبعث الأمير محمد بأكثرها إلى قرطبة، وإلى سواحل البحر، وإلى العدوة. وانتهى عدد من فقد منهم في هذه الوقعة إلى عشرين ألفا.
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظراً لاشتماله على أكثر من عام هجري أحياناً