ظهر عبدالله بن ثنيان بن إبراهيم بن ثنيان بن سعود بن محمد بن مقرن بن مرخان بن إبراهيم بن موسى بن ربيعة بن مانع ابن ربيعة المريدي على مسرح الأحداث التاريخية في نجد بعد غزوة البياض التي رافق فيها خالد بن سعود ضد آل شامر من هذه السنة. وكان خالد ابن سعود حريصًا على مراقبة تحركات عبدالله بن ثنيان لأنه ظل يشك في نواياه تجاهه. وعندما قرر خالد بن سعود التوجه إلى بلدة الشنانة ليودع خورشيد باشا الذي قرر الرحيل إلى مصر بعد معاهدة لندن في ١٢٥٦هـ، طلب خالد من ابن ثنيان أن يرافقه فتعلل ابن ثنيان بالمرض، وعندما غادر خالد الرياض، انسل ابن ثنيان وذهب إلى قبائل المنتفق في جنوبي العراق، والتجأ إلى رئيسها عيسى ابن محمد السعدون، وظل هناك عدة أسابيع دارت خلالها مراسلات بينه وبين خالد بن سعود، وكان من أهم ما توصل إليه الطرفان هو أن يعود ابن ثنيان إلى الرياض مكرمًا ويعطى أمانًا. ولما عاد ابن ثنيان إلى الرياض، شك قبل أن يدخلها في نوايا خالد بن سعود تجاهه، فتوجه إلى الجنوب عند قبيلة سبيع فساعده رئيسها راشد بن جفران، وأهالي الجنوب في الحوطة والحلوة والحريق وغيرها، ومن هناك أعلن رفضه لحكم خالد بن سعود الذي كان يعمل باسم محمد علي باشا فعليًا وباسمه هو ظاهريًا. وظل ابن ثنيان مؤمنًا بضرورة عودة الحكم السعودي رافضًا التبعية السياسية لسيادة محمد علي باشا، وساعده على ذلك أمران: الأول تأييد غالبية أهالي نجد له؛ لأنه مطالب شرعي بالحكم في غياب الإمام فيصل بن تركي، بالإضافة إلى تأييد علماء نجد له، والثاني: خروج قوات محمد علي باشا من الجزيرة العربية عقب توقيع معاهدة لندن عام ١٢٥٦هـ، وهي المعاهدة التي نصت على أن حكم محمد علي باشا محصور في ولاية مصر العثمانية فقط. فرأى النجديون أن ثورة ابن ثنيان على خالد بن سعود تجسيد لمبدأ الحكم الوطني الرافض للتبعية السياسية للإدارة في مصر، وعدوا ثورته هذه تخليصًا لهم من حكم محمد علي باشا المفروض عليهم بالقوة. وقد أثبتت الحوادث التاريخية تدريجيًا أن مقاومة خالد ابن سعود للتيار الوطني الذي كان يقوده ابن ثنيان كانت مقاومة واهية، بينما أخذ موقف ابن ثنيان في النمو والتأييد، لذا لم يصمد خالد بن سعود وأتباعه في وجه ثورة ابن ثنيان بعد انسحاب القوات المصرية من نجد، واضطر إلى الانسحاب شرقًا إلى الأحساء ومنها إلى الكويت، ثم توجه إلى مكة المكرمة حيث توفي فيها. تسلم ابن ثنيان حكم نجد ومد نفوذه إلى بلاد أخرى كانت تابعة للدولة السعودية الأولى، وذلك إحياءً لوجودها. لكن حكمه لم يدم طويلاً بعد أن عاد الإمام فيصل بن تركي من منفاه في مصر إلى الرياض لأنه كان الإمام الشرعي المبايع. أمسك فيصل بن تركي بعبدالله بن ثنيان بعد مقاومة الأخير له، فحبسه في السجن، وتوفي فيه، وصلى عليه الإمام فيصل ودفن في مقابر العود.
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظراً لاشتماله على أكثر من عام هجري أحياناً