اندلعت في فلسطين ثورة معروفة باسم حائط البراق في أغسطس من العام ١٩٢٩م لكن إرهاصاتها تعود إلى نحو ١٢ شهرا سابقة على هذا التاريخ مع وقوع عدد من المواجهات بين الفلسطينيين واليهود في " القدس " بسبب حائط البراق - الحائط الغربي للمسجد الأقصى - الذي أطلق عليه اليهود اسم " حائط المبكى " وذلك بعد أن انعقد المؤتمر الصهيوني العالمي السادس عشر في مدينة " زيورخ " السويسرية في صيف ١٩٢٨م وخرج " الحزب الإصلاحي " بزعامة الصهيوني المتطرف " زئيف جابوتنسكي " من المؤتمر بأجندة جديدة داعيا اليهود في فلسطين إلى التسلح وسلوك طريق العنف واستخدام القوة لتحقيق أهدافهم. ثم خرجت مظاهرات يهودية يوم ١٥ أغسطس ١٩٢٨م حتى الحرم القدسي الشريف انتهت إلى "حائط البراق" وقام اليهود برفع العلم اليهودي على الحائط رافعين شعار يقول " الحائط حائطنا " منشدين الأناشيد الصهيونية. وكان القائد العسكري البريطاني الميجور "ساندرس" قد بدأ بتوزيع السلاح على اليهود في فلسطين وتجنيد بعضهم في الفرق النظامية للجيش البريطاني باعتبارهم من الرعايا البريطانيين أي من حاملي الجنسية الإنجليزية. إلى أن كان يوم ١٥ أغسطس من العام ١٩٢٩م حيث كان اليهود يحتفلون بعيد الغفران فقامت منظمة "بيتار" الصهيونية المتطرفة بزعامة "يوسف ترمبلدور" بتنظيم مظاهرة للاستيلاء على الحائط الغربي للحرم القدسي الشريف بحجة أنه من بقايا الهيكل فاندلعت الثورة في "القدس" أولاً ثم في عموم فلسطين بعد ذلك حيث اجتاحت الاشتباكات مدن "الخليل" و"عكا" و"حيفا" و"يافا" و"صفد" و"بيسان" وغيرها من مدن فلسطين. وبعد عدة أيام من الاشتباكات المتفرقة بين العرب من جهة وبين اليهود وقوات الاحتلال البريطاني الموجودة في فلسطين بدأت ثورة البراق تتخذ طابعا أكثر تنظيما ففي يوم ٢٠ أغسطس ١٩٢٩م قامت معركة عنيفة عند ممر البراق في بيت المقدس لم يتمكن البوليس البريطاني من إنهائها إلا بعد مشقة بالغة. وجدد الفلسطينيون هجومهم في "القدس" وفي أنحاء مختلفة من فلسطين خاصة على المجموعات المسلحة من اليهود استمرت طيلة يوم الثالث والعشرين من أغسطس جرح خلالها ١٠٧ من الجانبين وخسر اليهود ٢٨ قتيلا، وقتل ١٣ من العرب وكانت هذه المعركة تدور في مدينة "القدس" من شارع إلى شارع ومن ركن إلى ركن. ومع سريان أنباء الثورة في عموم فلسطين قامت معركة أخرى في مدينة "الخليل" جنوبي "القدس" حيث أعلن رسميا عن مصرع ستين يهوديا وإصابة خمسين آخرين، وهوجمت مراكز البوليس البريطانية ونشبت معركة جديدة في ضواحي "الخليل". وفي "صفد" نشبت معركة أخرى في نفس يوم معركة مدينة "الخليل" استمرت لساعات طويلة جرح خلالها ٢٨ يهوديا وقتل تسعة آخرون. وفي توثيق الكاتب " عيسى السفري " لأحداث ثورة البراق في فلسطين - كما عاصرها - يقول:" إن الثورة استمرت ١٥ يوما، قتل وجرح خلالها ٤٧٢ يهوديا".
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظراً لاشتماله على أكثر من عام هجري أحياناً