[فتح عماد الدين الزنكي حصن الأثارب وهزيمة الفرنج.]
العام الهجري:٥٢٤
العام الميلادي:١١٢٩
تفاصيل الحدث:
لما فرغ عماد الدين زنكي من أمر البلاد الشامية، حلب وأعمالها، وما ملكه، وقرر قواعده، عاد إلى الموصل، وديار الجزيرة، ليستريح عسكره، ثم أمرهم بالتجهز للغزاة، فتجهزوا وأعدوا واستعدوا، وعاد إلى الشام، وقصد حلب، فقوي عزمه على قصد حصن الأثارب، ومحاصرته، لشدة ضرره على المسلمين، وهذا الحصن بين حلب وبين أنطاكية، وكان من به من الفرنج يقاسمون حلب على جميع أعمالها الغربية، وكان أهل البلد معهم في ضر شديد، وضيق، كل يوم قد أغاروا عليهم، ونهبوا أموالهم. فلما رأى الشهيد هذه الحال صمم العزم على حصر هذا الحصن، فسار إليه ونازله، فلما علم الفرنج بذلك جمعوا فارسهم وراجلهم، وعلموا أن هذه وقعة لها ما بعدها، فحشدوا وجمعوا، ولم يتركوا من طاقتهم شيئاً إلا استنفدوه، فلما فرغوا من أمرهم ساروا نحوه، ثم ترك عماد الدين الحصن وتقدم إليهم، فالتقوا، واصطفوا للقتال، وصبر كل فريق لخصمه، واشتد الأمر بينهم، ثم إن الله تعالى أنزل نصره على المسلمين، فظفروا، وانهزم الفرنج أقبح هزيمة، ووقع كثير من فرسانهم في الأسر، وقتل منهم خلق كثير، فلما فرغ المسلمون من ظفرهم عادوا إلى الحصن فتسلموه عنوة، وقتلوا وأسروا كل من فيه، وأخربه عماد الدين، وجعله دكاً، ثم سار منه إلى قلعة حارم، وهي بالقرب من أنطاكية، فحصرها، وهي أيضاً للفرنج، فبذل له أهلها نصف دخل بلد حارم، وهادنوه، فأجابهم إلى ذلك، وعاد عنهم وقد استدار المسلمون بتلك الأعمال، وضعفت قوى الكافرين، وعلموا أن البلاد قد جاءها ما لم يكن لهم في حساب، وصار قصاراهم حفظ ما بأيديهم بعد أن كانوا قد طمعوا في ملك الجميع.
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظراً لاشتماله على أكثر من عام هجري أحياناً