[اغتيال الرئيس الجزائري محمد بوضياف في مدينة عنابة الجزائرية.]
العام الهجري:١٤١٢
الشهر القمري:ذو الحجة
العام الميلادي:١٩٩٢
تفاصيل الحدث:
قبل مجيء الرئيس الجزائري محمد بوضياف لمدينة عنابة، بيوم واحد، تزيّنت المدينة كعادتها لاستقبال رئيس الدولة وكان الموعد مع بروتوكول رئاسة الجمهورية بفندق الشرق بوسط المدينة حيث سلمت للصحافيين بطاقات الاعتماد لتغطية الزيارة، وكان الجو، رغم جمال الطقس، مشحونا بقلق غامض، غذته إشاعات سابقة بحدوث محاولة اعتداء على الرئيس بعين تموشنت، وعن وجود قنبلة عثر عليها بالمسجد الكبير للعاصمة حيث صلى الرئيس صلاة عيد الأضحى قبل أسابيع خلت، وكان الحديث يدور في أوساط الصحافيين وحتى المواطنين عن التدابير المتخذة لتأمين الرئيس وحمايته من هجومات إرهابية. وفي يوم الاثنين ٢٩ جون ١٩٩٢، حيث أعلن للصحافيين رسميا عن قدوم الرئيس بوضياف إلى عنابة واطلعوا على برنامج الزيارة. وكان البرنامج يتضمن عدة محطات للرئيس، وفي حدود الساعة التاسعة صباحا وصل الرئيس إلى عنابة وكان جهاز الأمن الرئاسي يحيط بالرئيس في حين تكفلت عناصر أمن ولاية عنابة بتأمين المنطقة المحيطة بقصر الثقافة، حينها كان الحرس المقرب للرئيس، المشكل من فرقة التدخل الخاصة "جي أي إس" وفي حدود الساعة الحادية عشرة في الوقت الذي دخل فيه الرئيس قاعة المؤتمرات لقصر الثقافة، وباشر الرئيس خطابه بالحديث عن الأزمة التي تعيشها البلاد وآفاق الخروج منها بالاتحاد والتضامن وجعل الجزائر قبل كل شيء ... ليعرج على دور الدين الإسلامي الذي يجب أن يبقى، حسبما قال، بعيدا عن التطرف، وعنصرا للتفتح وقال في هذا السياق إن البلدان الأوروبية تفوقت علينا بالعلم والمعرفة .. وحوالي الساعة ١١.٣٥ يجمع شهود عيان لاغتيال الرئيس على أن الحرس الشخصي المرافق له بلباس مدني، كان متواجدا على يسار ويمين المنصة طوال فترات الخطاب، لينزل بعد ذلك إلى أسفل المنصة، لكن غير بعيد عنها، ببضع دقائق قبل عملية الاغتيال، وفي الوقت ذاته كانت عناصر الحراسة المقربة "جي أي إس" باللباس الأزرق متواجدة خلف الستار لحماية المدخل المؤدي إلى المنصة. وكان الرئيس مسترسلا في خطابه حول مكانة الإسلام وقيمه ... حين سمع صوت فرقعة مكتومة اتضح بعد الحادثة أنه صوت قنبلة يدوية نزع عنها غطائها، تلاها صوت شيء يتدحرج حتى أسفل الكرسي الذي كان يجلس عليه الرئيس بوضياف. حدث هذا في ثوانٍ معدودة مرت كالبرق ... لتبرز فوهة بندقية رشاش من نوع كلاشنيكوف بين فتحة الستار الأخضر الذي كان منسدلاً يغطي ما وراء المنصة. وخرج رجل بلباس أزرق لفرقة التدخل الخاصة "جي أي إس" كان الملازم الأول لمبارك بومعرافي، وأطلق النار مباشرة على الرئيس من خلف ظهره في حركة تنازلية بداية من الرأس ونزولا إلى الظهر ... وفي نفس الوقت انفجرت القنبلة اليدوية التي كانت تحت مقعد الرئيس مصيبة بشظاياها كل من كان جالسا على المنصة، لم تدم الطلقات سوى ثوانٍ معدودة ليوجه بومعرافي فوهة رشاشه إلى أعلى وأسفل القاعة في حركة رشّ بالرصاص أصاب خلالها إحدى كاميرات التلفزة، في حين بقيت الكاميرا رقم ٠٥ التابعة لمحطة قسنطينة منصبة باتجاه المنصة تواصل التصوير الآلي، بعد أن رمى كل من كان واقفا نفسه على الأرض لتفادي الرصاص واختبأ من كان جالسا بالقاعة خلف الكراسي. وسارع الحرس الخاص للرئيس بإطلاق النار من أسفل المنصة باتجاه لمبارك بومعرافي الذي اختفى خلف الستار، حسب تأكيد شهود عيان، أحد المقربين من المنصة صرح بعد الحادثة أن الرئيس توفي مباشرة بعد إطلاق النار عليه إثر إصابته في الرأس .. ونقل الرئيس بوضياف في سيارة إسعاف إلى مستشفى ابن رشد الجامعي، وبعد حوالي ساعة من حدوث عملية الاغتيال ألقي القبض على الملازم الأول لمبارك بومعرافي واقتيد إلى مقر الأمن المركزي ثم قام جهاز التلفزة ببث آيات من القرآن ليعلن بعدها عن خبر وفاة الرئيس رسميا متأثرا بجروحه في عملية إطلاق نار عليه، وأعلن عن اجتماع طارئ للمجلس الوطني للأمن للبتّ في خلافة رئيس المجلس الأعلى للدولة المتوفى. وفي المساء أعلن عن تعيين السيد علي كافي رئيسا للمجلس الأعلى للدولة وتقرر تشكيل لجنة تحقيق في ظروف اغتيال رئيس الدولة محمد بوضياف خلصت لجنة التحقيق إلى فرضية الفعل المنعزل.
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظراً لاشتماله على أكثر من عام هجري أحياناً