رأى عبد المؤمن بن علي القائد الموحدي أن الفرصة قد سنحت للقضاء على المرابطين، فآثر أن يسرع في ذلك، وأن يبدأ بمهاجمتهم في قلب دولتهم، فجهز جيشًا عظيمًا لهذا الغرض، وخرج به من قاعدته تينملل سنة (٥٣٤ هـ = ١١٤٠م)، واتجه إلى شرق المغرب وجنوبه الشرقي؛ لإخضاع القبائل لدعوته، بعيدًا عن مراكش مركز جيش المرابطين القوي، وأنفق عبد المؤمن في غزوته الكبرى أكثر من سبع سنوات متصلة، وهو ما جعل الجيش المرابطي يحل به الوهن دون أن يلتقي معه في لقاءات حاسمة ومعارك فاصلة. وفي أثناء هذه الغزوة توفي علي بن يوسف سلطان دولة المرابطين سنة (٥٣٧هـ = ١١٤٢م) وخلفه ابنه تاشفين، لكنه لم يتمكن من مقاومة جيش عبد المؤمن، الذي تمكن من دخول تلمسان سنة (٥٣٩هـ =١١٤٤)، ودخل الموحدون مدينة وهران، وقتلوا من كان بها من المرابطين. بعد وهران تطلع عبد المؤمن إلى فتح مدينة فاس، فاتجه إليها، فدخلها الموحدون في (١٤ من ذي القعدة ٥٤٠ هـ = ٥ من مايو ١١٤٥م). ثم دخلت كل من مدينتي سبتة وسلا في طاعة الموحدين قبل أن يتجهوا إلى تراشك لفتحها، وضرب الموحدون حصارًا حول المدينة دام أكثر من تسعة أشهر، أبدى المدافعون عن المدينة ضروبًا من الشجاعة والبسالة، لكنها لم تغن عنهم شيئًا، واستولى الموحدون على المدينة في (١٨من شوال ٥٤١هـ = ٢٤ من مارس ١١٤٧م)، وسقطت دولة المرابطين، وقامت دولة جديدة تحت سلطان عبد المؤمن بن علي الكومي الذي تلقب بلقب خليفة. وانتهز جماعة من الزعماء الأندلسيين فرصة انشغال المرابطين بحرب الموحدين بالمغرب، فثاروا على ولاتهم التابعين لدولة المرابطين، وأعلنوا أنفسهم حكامًا واستبدوا بالأمر، وتنازعوا فيما بينهم يحارب بعضهم بعضًا. فلما تمكن عبد المؤمن بن علي من بسط نفوذه على المغرب بدأ في إرسال جيش إلى الأندلس سنة (٥٤١هـ = ١١٤٦م)، فاستعاد إشبيلية واتخذها الموحدون حاضرة لهم في الأندلس، ونجح يوسف بن علي قائد جيش الموحدين من بسط نفوذه على بطليوس وشمنترية، وقادس، وشلب، ثم دخلت قرطبة وجيان في طاعة الموحدين سنة (٥٤٣هـ = ١١٤٨م)، واستعادوا المرية سنة (٥٥٢هـ = ١١٥٧م) من يد الأسبان المسيحيين، وبذلك توحدت بقية الأندلس الإسلامية تحت سلطانهم، وعين عبد المؤمن ابنه أبا سعيد عثمان واليًا عليها.
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظراً لاشتماله على أكثر من عام هجري أحياناً