وصل التتر من بلاد ما وراء النهر إلى أذربيجان، وقد كان استقر ملكهم بما وراء النهر، وعادت بلاد ما وراء النهر فانغمرت، وعمروا مدينة تقارب مدينة خوارزم عظيمة، وبقيت مدن خراسان خراباً لا يجسر أحد من المسلمين أن يسكنها، وأما التتر فكانت تغير كل قليل طائفة منهم ينهبون ما يرونه بها، فالبلاد خاوية على عروشها، فلم يزالوا كذلك إلى أن ظهر منهم طائفة سنة خمس وعشرين، فكان بينهم وبين جلال الدين ما كان، وبقوا كذلك، فلما كان الآن، وانهزم جلال الدين من علاء الدين كيقباذ ومن الأشرف، سنة سبع وعشرين، أرسل مقدم الإسماعيلية الملاحدة إلى التتر يعرفهم ضعف جلال الدين بالهزيمة الكائنة عليه، ويحثهم على قصده عقيب الضعف، ويضمن لهم الظفر به للوهن الذي صار إليه، وكان جلال الدين سيء السيرة، قبيح التدبير لملكه، لم يترك أحداً من الملوك المجاورين له إلا عاداه، ونازعه الملك، وأساء مجاورته، فلما وصل كتاب مقدم الإسماعيلية إلى التتر يستدعيهم إلى قصد جلال الدين بادر طائفة منهم فدخلوا بلادهم واستولوا على الري وهمذان وما بينهما من البلاد، ثم قصدوا أذربيجان فخربوا ونهبوا وقتلوا من ظفروا به من أهلها؛ وجلال الدين لا يقدم على أن يلقاهم، ولا يقدر أن يمنعهم عن البلاد، قد ملئ رعباً وخوفاً، وانضاف إلى ذلك أن عسكره اختلفوا عليه، وخرج وزيره عن طاعته في طائفة كثيرة من العسكر، فبقي حيران لا يدري ما يصنع، ولا سيما لما خرج التتر.
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظراً لاشتماله على أكثر من عام هجري أحياناً