[اقتحام الجيش العراقي للكويت وقيام حرب الخليج الثانية.]
العام الهجري:١٤١١
الشهر القمري:محرم
العام الميلادي:١٩٩٠
تفاصيل الحدث:
قام العراق قديما بالمطالبة بالكويت فما أن استقلت الكويت في محرم عام ١٣٨١هـ / حزيران ١٩٦١م حتى أخذت العراق بالمطالبة بالكويت وتعدها جزءا منها ولكن بعد أيام من الاستقلال نزلت قوات بريطانية في الكويت وأصبحت العراق تطالب بضرورة انسحاب القوات الأجنبية من أرض الوطن، ثم تقدمت الكويت إلى الجامعة العربية لتكون عضوا فانسحبت القوات البريطانية وحلت محلها قوات عربية من سوريا والأردن ومصر والسعودية، التي بقيت فيها سنة ثم رجعت فرجع العراق بالمطالبة من جديد، وقد تأججت الفكرة عند قيام الاتحاد العربي بين الأردن والعراق فأرادوا ضم الكويت لتحسين الميزانية وحاول نوري السعيد رئيس الحكومة العراقية في عام ١٣٧٦هـ / ١٩٥٧م أن يقنع أمير الكويت بالانضمام وكان الأمر وشيكا إلا أن الثورة التي قامت في العراق قضت على الاتحاد من أصله، وكان هذا قبل أيام عبدالكريم قاسم التي أشرنا لها، وفي عهد صدام حسين وبعد أن انتهت حروبه مع إيران وخرج بمظهر المنتصر وازداد إعجابا بنفسه وقوته فاجتمعت أسباب كثيرة لعبت دورا في غزو الكويت فخروج الجيش العراقي الذي خسر الكثير والمدنيون الذين خسروا الكثير والميزانية التي أنهكت وتحتاج إلى موارد تسدها والمصالح الغربية في إبقاء المنطقة مزعزعة، وقد طالبت العراق الكويت بتعويضات عما خسره من نفط الرميلة ولكن الكويت لم يوافق لأنه قدم الكثير للعراق أيام الحرب، وقامت بريطانيا بتأجيج الفكرة في رأس صدام حسين وفي الوقت نفسه حرضت الكويت على عدم الدفع للعراق ما يطلبه، وهذا ما فعله الصليبيون للوقيعة بينهما، واطمأنت الكويت أيضا بحماية أمريكا لها، ثم تقدمت الجيوش العراقية في الحادي عشر من محرم ١٤١١هـ ٢ آب ١٩٩٠م واحتلت الكويت وبدأت أجهزة الإعلام تضخم من قوة العراق وتضعها في مصاف الدول الكبرى بما تملكه من أسلحة متنوعة وبدأت تذيع بنوايا العراق بالتوسع بعد الكويت، وكان ذلك نوعا من الحرب النفسية على الدول المجاورة لتطلب المساعدة من الدول الكبرى لرد العراق، وبالفعل جاءت القوات الأجنبية الأمريكية والأوربية أو طلب منها المجيء ونزلت في الخليج وبدأت تتزايد بحجة ردع العراق وطبعا كل هذه النفقات كانت على حساب الدول النفطية التي ستحميها هذه القوات، ولم تستطع الكويت مقاومة العراق، وأما القوات العراقية فارتكبت الكثير من الجرائم وشرد الكثيرون من الكويت، وبدأ الرئيس العراقي يحتج بحجج واهية فمرة بتكلم باسم الإسلام ومرة يتكلم باسم الحفاظ على الثروة التي بددها أمراء الكويت على ملذاتهم ومرة بأن هذه الثروة من حق العرب جميعا، أما قضية الاستنجاد بالقوات الأجنبية فكانت محل تنازع بين العلماء الذي أيد كثير منهم في دول الخليج دخولها ردا للمعتدي، أما الدول العربية فعقدت مجلسا في جامعة الدول العربية اجتماعا لمناقشة الوضع فأيدت اثنا عشر دولة دخول القوات الأجنبية وعارض ذلك ثمانية دول وساهمت بعض الدول كسوريا ومصر في إرسال قوات مساعدة للقوات الأجنبية، واجتمع مجلس العلماء في مكة المكرمة وأعطى تأييده المباشر للسعودية ثم بعد اجتماع القوات فرض الحصار على العراق بكل المستويات برا وبحرا وجوا، بغض النظر عن مدى تطبيقه، ثم إن مجلس الأمن قرر إلزام العراق على الانسحاب وأعطي مهلة وإلا أخرج بالقوة ولم يبال العراق بذلك وغير اسم الكويت إلى كاظمة وأنها عادت للأم، وقبيل انتهاء المهلة المحددة التقى وزير الخارجية العراقي طارق حنا عزيز مع وزير خارجية أمريكا بيكر في جنيف ولم ينتج عن هذا اللقاء شيء وكان رفض العراق مرتبطا بأن مجلس الأمن إن كان حريصا على تطبيق قراراته فليطبق قراراته التي أصدرها أولا في حق القضية الفلسطينية، وحاول الأمين العام للأمم المتحدة خافيير بيريز وحاولت فرنسا بمبادرة للحل السلمي دون جدوى، وبعد انتهاء المهلة بيومين بدأت القوات المتحالفة بالهجوم على العراق والكويت بالطائرات في الساعة الخامسة صباحا من يوم الخميس الثاني من رجل ١٤١١هـ / ١٧ كانون الثاني ١٩٩١م وأذيع بأن القوات الجوية العراقية قد أبيدت وكذلك الحرس الجمهوري، وبدأت العراق تهرب طائراتها العسكرية والمدنية إلى إيران واستمر القصف على العراق والكويت خمسة أسابيع استخدمت فيه قوات التحالف القنابل المحرمة دوليا مثل النابالم المحرق وغيرها وخلال ذلك قامت عدة مبادرات سلمية آخرها كانت من روسيا فوافقت العراق على الانسحاب خلال ثلاثة أسابيع إلا أن أمريكا أصرت على أسبوع واحد فقط، وحاول العراق أن يشرك اليهود في الحرب فأطلق عدة صواريخ عليها فربما لو اشتركت ينسحب العرب من التحالف، ولكن هذا ما لم يتم وأطلق كذلك صواريخ على الرياض عاصمة المملكة العربية السعودية وعلى الجبيل البحرية والظهران وحفر الباطن وعلى البحرين أيضا، ثم أسرعت روسيا بمبادرة جديدة والعراق يصر على شروط للانسحاب وأمريكا تصر على عدم وجود أي شرط، واستطاعت قوات التحالف أن تكبد العراق خسائر كبيرة على كافة المستويات، ثم بدأت المعارك البرية في الساعة الرابعة صباحا من يوم الأحد العاشر من شعبان ١٤١١هـ / ٢٤ شباط ١٩٩١م بعد ثلاثة أيام من الرمي التمهيدي المكثف، وبعد أن قام العراق بإحراق ما يقرب من ١٥٠ بئرا للنفط في الكويت مما شكل طبقة كثيفة من الدخان الأسود ليعيق عمل الطائرات ودفعت بالنفط إلى البحر بعد تفجير بعض الآبار وذلك لتعيق محطات تحلية المياه السعودية، وكان العراق يذيع دائما بأنه ينتظر المعارك البرية لينتقم من قوات التحالف، وكان قد حصن الحدود الكويتيون بالخنادق والأسترة، ثم إن قوات التحالف تقدمت على حدود الكويت واخترقت التحصينات العراقية وقامت بإنزال بحري على سواحل الكويت وآخر جوي في شمال العراق وأذاع العراق أنه أسر عددا من قوات التحالف ووافق العراق على وقف إطلاق النار ولكن أمريكا رفضت وطالبت بالانسحاب مع ترك كافة الأسلحة، ثم وافق العراق على الانسحاب بناء على قرار مجلس الأمن إلا أن أمريكا أصرت على أن يتعهد العراق بدفع الخسائر، وفي الليلة الخامسة من الهجوم البري شهدت بغداد أعنف الغارات الجوية وجرى إنزال جوي خلف الوحدات العراقية من القوات الأمريكية والفرنسية وجرت معارك بالدبابات وأذاع كل طرف النصر، وفي منتصف الليل أذاع العراق أنه موافق على كل شروط الانسحاب فقام الرئيس الأمريكي جورج بوش الأب بوقف إطلاق النار بدءا من الساعة الثامنة صباحا حسب توقيت بغداد ضمن شروط منها إعادة الأسرى والكويتيين وإرشاد قوات التحالف على الألغام المزروعة، وغيرها من الشروط، وطبعا كان أكبر مستفيد من هذه الحرب هو أمريكا التي استطاعت أن تضع قواعدها وتثبت أقدامها في دول النفط، وكذلك اليهود الذين جاءهم من المساعدات ما لم يحلموا به إضافة لزوال قوة كانت ربما ستكون منافسة لها في المنطقة من الناحية النووية، بالإضافة للتفكك الذي حصل بين الدول الإسلامية بسبب المواقف المتباينة من الحرب. ويتحمل صدام حسين كل هذه المآسي بسبب قراراته الخرقاء.
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظراً لاشتماله على أكثر من عام هجري أحياناً