بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى توقعت إنجلترا بدء مستعمراتها في طلب الاستقلال، فأخذت تظهر اللين وأبدت استعدادها للموافقة وأوحت إلى سعد زغلول ورفاقه بالتحرك، فبدأ في عقد اجتماعات ولقاءات أسفرت عن طلب الاستقلال وتم تشكيل وفد للسفر إلى الخارج لعرض القضية على العالم، وتشكل هذا الوفد من سعد زغلول وعلي شعراوي وعبد العزيز فهمي، وطلبوا مقابلة المندوب السامي البريطاني «وينجت» وطلبوا منه السماح لهم بالسفر إلى إنجلترا لعرض طلباتهم باستقلال مصر، فرفض المندوب ذلك الطلب، فاستعد سعد زغلول ورفاقه إلى السفر إلى جهة أخرى وهي باريس وذلك لعرض قضية مصر على مؤتمر الصلح، فاعتبرت إنجلترا هذا تمردًا منهم، فألقت القبض عليهم, ومعهم آخرون, منهم محمد محمود وحمد الباسل وإسماعيل صدقي, ثم ما لبثت أن أفرجت عنهم، فلما لم يحقق هذا القبض الهدف منه ألا وهو أن يتوج هؤلاء زعماء جدد لمصر وكان مصطفى كامل وخليفته محمد فريد مازالا يمثلان الزعامة الوطنية للمصريين قامت إنجلترا بالقبض عليهم مرة أخرى ونفيهم إلى مالطة. وعندما وصلت أخبار النفي للشعب المصري ثار ثورة عارمة يملؤها الإحساس بالعدوان والطغيان الصليبي الذي أرهق المصريين لسنوات طويلة, وبدأت الثورة يوم ٧ جمادى الآخرة ١٣٣٧هـ ٩ مارس ١٩١٩م بتظاهر طلبة كلية الحقوق والهندسة والزراعة والطب والتجارة, وتصدى الجنود الإنجليز للمظاهرات وأوقعوا عددًا كبيرًا من القتلى والجرحى. امتدت الثورة بعد ذلك لتشمل جميع شرائح وقطاعات الشعب المصري من محامين وعمال وموظفين وصحفيين ونساء, وتحولت من ثورة سلمية إلى ثورة عنيفة وقعت خلالها أعمال تخريب وسلب ونهب، ونجحت الثورة في تحقيق أهدافها الخفية, وأصبح سعد زغلول هو زعيم الأمة المتحدث باسمها ليبدأ فصلاً جديدًا في مصر تختفي فيه الشعارات والهوية الإسلامية وتحل محلها الوطنية والقومية.
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظراً لاشتماله على أكثر من عام هجري أحياناً