دخل السلطان محمود إلى بغداد، واجتهد في إرضاء الخليفة عن دبيس بن صدقة، وأن يسلم إليه بلاد الموصل، فامتنع الخليفة من ذلك وأبى أشد الإباء، هذا وقد تأخر دبيس عن الدخول إلى بغداد، ثم دخلها وركب بين الناس فلعنوه وشتموه في وجهه، وقدم عماد الدين زنكي فبذل للسلطان في كل سنة مائة ألف دينار، وهدايا وتحفا، والتزم للخليفة بمثلها على أن لا يولي دبيسا شيئا وعلى أن يستمر زنكي على عمله بالموصل، فأقره على ذلك وخلع عليه، ورجع إلى عمله فملك حلب وحماه، وفي رمضان جاء دبيس في جيش إلى الحلة فملكها ودخلها في أصحابه، وكانوا ثلاثمائة فارس، ثم إنه شرع في جمع الأموال وأخذ الغلات من القرى حتى حصل نحوا من خمسمائة ألف دينار، واستخدم قريبا من عشرة آلاف مقاتل، وتفاقم الحال بأمره، وبعث إلى الخليفة يسترضيه فلم يرض عليه، وعرض عليه أموالا فلم يقبلها، وبعث إليه السلطان جيشا فانهزم إلى البرية ثم أغار على البصرة فأخذ منها حواصل السلطان والخليفة، ثم دخل البرية فانقطع خبره.
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظراً لاشتماله على أكثر من عام هجري أحياناً