[وفاة الخليفة العثماني عبدالحميد الثاني آخر خلفاء الدولة العثمانية.]
العام الهجري:١٣٦٣
الشهر القمري:رمضان
العام الميلادي:١٩٤٤
تفاصيل الحدث:
توفي عبدالحميد بن عبدالمجيد الثاني السلطان الرابع والثلاثون من سلاطين الدولة العثمانية، وآخر من امتلك سلطة فعلية منهم. ولد في ٢١ سبتمبر ١٨٤٢م، وتولى الحكم عام ١٨٧٦ م. أبعد عن العرش عام ١٩٠٩ م بتهمة الرجعية، وأقام تحت الإقامة الجبرية حتى وفاته في ١٠ فبراير ١٩١٨ م. تلقى السلطان عبدالحميد بن عبدالمجيد تعليمه بالقصر السلطاني وأتقن من اللغات: الفارسية والعربية وكذلك درس التاريخ والأدب. يعرفه البعض، بـ (اولو خاقان) أي ("الملك العظيم") وعرف في الغرب باسم "السلطان الأحمر"، أو "القاتل الكبير" بسبب مذابح الأرمن المزعوم وقوعها في فترة توليه منصبه. رحب جزء من الشعب العثماني بالعودة إلى الحكم الدستوري بعد إبعاد السلطان عبدالحميد عن العرش في أعقاب ثورة الشباب التركي. غير أن الكثير من المسلمين مازالوا يقدّرون قيمة هذا السلطان الذي خسر عرشه في سبيل أرض فلسطين التي رفض بيعها لزعماء الحركة الصهيونية. تولى السلطان عبدالحميد الثاني الخلافة، في ١١ شعبان ١٢٩٣هـ، الموافق ٣١ آب (أغسطس) ١٨٧٦م، وتبوَّأ عرش السلطنة يومئذٍ على أسوأ حال، حيث كانت الدولة في منتهى السوء والاضطراب، سواء في ذلك الأوضاع الداخلية والخارجية. دبرت جمعية «الاتحاد والترقي» عام ١٩٠٨ انقلابا على السلطان عبدالحميد تحت شعار (حرية، عدالة، مساواة). ولما عقد اليهود مؤتمرهم الصهيوني الأول في (بازل) بسويسرا عام ١٣١٥هـ، ١٨٩٧م، برئاسة ثيودور هرتزل (١٨٦٠م-١٩٠٤م) رئيس الجمعية الصهيونية، اتفقوا على تأسيس وطن قومي لهم يكون مقرًا لأبناء عقيدتهم، وأصر هرتزل على أن تكون فلسطين هي الوطن القومي لهم، فنشأت فكرة الصهيونية، وقد اتصل هرتزل بالسلطان عبدالحميد مرارًا ليسمح لليهود بالانتقال إلى فلسطين، ولكن السلطان كان يرفض، ثم قام هرتزل بتوسيط كثير من أصدقائه الأجانب الذين كانت لهم صلة بالسلطان أو ببعض أصحاب النفوذ في الدولة، كما قام بتوسيط بعض الزعماء العثمانيين، لكنه لم يفلح، وأخيرًا زار السلطان عبدالحميد بصحبة الحاخام (موسى ليفي) و (عمانيول قره صو)، رئيس الجالية اليهودية في سلانيك، وبعد مقدمات مفعمة بالرياء والخداع، أفصحوا عن مطالبهم، وقدَّموا له الإغراءات المتمثلة في إقراض الخزينة العثمانية أموالاً طائلة مع تقديم هدية خاصة للسلطان مقدارها خمسة ملايين ليرة ذهبية، وتحالف سياسي يُوقفون بموجبه حملات الدعاية السيئة التي ذاعت ضده في صحف أوروبا وأمريكا. لكن السلطان رفض بشدة وطردهم من مجلسه وقال:((إنكم لو دفعتم ملء الدنيا ذهبا فلن أقبل، إن أرض فلسطين ليست ملكي إنما هي ملك الأمة الإسلامية، وما حصل عليه المسلمون بدمائهم لا يمكن أن يباع وربما إذا تفتت إمبراطوريتي يوما، يمكنكم أن تحصلوا على فلسطين دون مقابل))، ثم أصدر أمرًا بمنع هجرة اليهود إلى فلسطين. عندئذ أدرك خصومه أنهم أمام رجل قوي وعنيد، وأنه ليس من السهولة بمكان استمالته إلى صفها، ولا إغراؤه بالمال، وأنه مادام على عرش الخلافة فإنه لا يمكن للصهيونية العالمية أن تحقق أطماعها في فلسطين، ولن يمكن للدولة الأوروبية أن تحقق أطماعها أيضًا في تقسيم الدولة العثمانية والسيطرة على أملاكها، وإقامة دويلات لليهود والأرمن واليونان. لذا قرروا الإطاحة به وإبعاده عن الحكم، فاستعانوا بالقوى المختلفة التي نذرت نفسها لتمزيق ديار الإسلام، أهمها الماسونية، والدونمة، والجمعيات السرية (الاتحاد والترقي)، وحركة القومية العربية، والدعوة للقومية التركية (الطورانية)، ولعب يهود الدونمة دورًا رئيسًا في إشعال نار الفتن ضد السلطان إلى أن تم عزله وخلعه من منصبه عام ١٩٠٩ وتم تنصيب شقيقه محمد رشاد خلفاً له. وتوفي السلطان عبدالحميد الثاني في المنفى في ١٠ فبراير من عام ١٩١٨م.
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظراً لاشتماله على أكثر من عام هجري أحياناً