[قيام العقيد حسني الزعيم بأول انقلاب عسكري في سوريا.]
العام الهجري:١٣٦٨
الشهر القمري:شعبان
العام الميلادي:١٩٤٩
تفاصيل الحدث:
قام العقيد حسني الزعيم بأول انقلاب عسكري في سوريا، ويعد الانقلاب الذي قاده العقيد "حسني الزعيم" في سوريا في (٢٩ من شعبان سنة ١٣٦٨هـ= ٣٠ من مارس ١٩٤٩م) هو الانقلاب الأول في تاريخ الدول العربية الحديثة. فبعد رحيل الفرنسيين عن سوريا كان الأمريكيون يخشون من تنامي التيارات العقائدية داخل البلاد، خاصة الشيوعية واليسارية، ورأى الأمريكيون أن ترك المسرح السوري للقوى السياسية للتفاعل فيه، سيقود حتما إلى أن يتواجد السوفييت في سوريا؛ ولذا رأوا ضرورة إحداث انقلاب عسكري للمحافظة على الأوضاع القائمة. فشجعت المفوضية الأمريكية في دمشق الجيش السوري على القيام بانقلاب. وقد رأى الأمريكيون أن حسني الزعيم أفضل الخيارات المطروحة أمامهم؛ حيث كان يتفق معهم في العداء للسوفييت، ومن ثم عقد الأمريكيون معه عدة لقاءات عام ١٩٤٨م. ولد حسني الزعيم في حلب سنة (١٣١٥هـ= ١٨٩٧م)، وهو كردي الأصل، وكان والده مفتيا في الجيش العثماني. درس في الأستانة، وأصبح ضابطا في الجيش العثماني، واعتقله الحلفاء أثناء الحرب العالمية الأولى، ثم التحق بالجيش الفيصلي، وحارب العثمانيين في دمشق، وتطوع في الجيش الفرنسي أثناء الانتداب على سوريا، ودرس العلوم العسكرية في باريس، وخاض عددا من المغامرات المشبوبة بالطموح انتهت باعتقال الفرنسيين له، ثم تسريحه بعد ذلك من الجيش، وكان برتبة عقيد. استطاع أثناء فترة تسريحه من الجيش أن يتعرف على عدد من السياسيين وأعضاء البرلمان، وتوسط بعض هؤلاء في رجوعه إلى الجيش فتم له ذلك. وكانت الأوضاع في سوريا قلقة مضطربة خاصة بعد نكبة فلسطين، حيث اتهم بعض قيادات الجيش بالفساد وجرى التحقيق مع بعضهم، واتهم بعض السياسيين بسرقة المجهود الحربي للجيش، فاستقال وزير الدفاع، ثم استقالت الوزارة، واحتدمت النقاشات بين السياسيين في البرلمان، حتى إن الشرطة تدخلت أكثر من مرة لفضها، وانهارت الحكومة للمرة الثانية خلال فترة وجيزة. استغل حسني الزعيم الذي عُين قائدا للجيش في (ذي القعدة ١٣٦٧ هـ = سبتمبر ١٩٤٨م)، هذه الظروف للقيام بانقلابه، فقام في (٢٩ من شعبان ١٣٦٨هـ = ٣٠ من مارس ١٩٤٩م) بإصدار أوامر إلى وحدات من الجيش بمحاصرة مبنى الرئاسة والبرلمان والوزارات المختلفة، وتم اعتقال الرئيس "القوتلي"، ورئيس الوزراء، وعدد من القيادات والشخصيات السياسية. قام الزعيم عقب نجاح انقلابه بحل البرلمان، وشكل لجنة دستورية لوضع دستور جديد وقانون انتخابي جديد، وأعلن أنه سيتم انتخابه من الشعب مباشرة، وبدأ بخوض الانتخابات الرئاسية كمرشح وحيد، وفاز فيها بنسبة ٩٩.٩٩% في (شعبان ١٣٦٨هـ = يونيو ١٩٤٩م)، وقد نمت في عهده أجهزة المخابرات والأمن بطريقة غير مسبوقة، وتم استخدام أساليب الاعتقال والتعذيب مع المعارضين. أما أخطر سياساته فهي اتجاهه للتعاون مع الغرب بطريقة مبالغ فيها، ووقع على اتفاقية الهدنة مع إسرائيل، وبدأ يعتمد على الأقليات في المخابرات والجيش. وكانت قاصمة الظهر للزعيم هي تخلي الأمريكيين عن مساندته، وسعيهم للتخلص منه، بعدما أبدى قدرا من الرغبة والمساعي للخروج عن الوصاية الأمريكية. ورأى الأمريكيون أنه ما دام الجيش هو المؤسسة التي تملك القوة، وتحتكر أدواتها فعليهم أن يتحركوا من داخله للتخلص من الزعيم وبسرعة، وتحقق للأمريكيين ما أرادوا؛ حيث لم يمض إلا وقت قليل حتى وقع انقلاب مضاد بقيادة العقيد سامي الحناوي في (٢٠ من شوال ١٣٦٨هـ = ١٤ من أغسطس ١٩٤٩م) وتم تشكيل محاكمة سريعة للغاية للزعيم، وأصدرت الحكم عليه بالإعدام، وتم تنفيذ الحكم في اليوم التالي رميا بالرصاص.
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظراً لاشتماله على أكثر من عام هجري أحياناً