لم يبايع الحسين بن علي رضي الله عنه ليزيد وبقي في مكة هو وابن الزبير ولكن أهل الكوفة راسلوا الحسين ليقدم عليهم ليبايعوه وينصروه فتكون له الخلافة وكان على الكوفة عبيدالله بن زياد فبعث الحسين ابن عمه مسلم بن عقيل ليعلم له صدق أهل الكوفة فقبض عليه ابن زياد وقتله وتوالت الكتب من أهل الكوفة للحسين ليحضر إليهم حتى عزم على ذلك فناصحه الكثير من الرجال والنساء ألا يفعل وأنهم سيخذلونه كما خذلوا أباه وأخاه من قبل لكن قدر الله سابق فأبى إلا الذهاب إليهم فخرج من مكة في ذي الحجة ولما علم ابن زياد بمخرجه جهز له من يقابله فلما قدم الحسين وقد كان وصله خبر موت مسلم وأخيه من الرضاع فقال للناس من أحب أن ينصرف فلينصرف ليس عليه منا ذمام. فتفرقوا يميناً وشمالاً حتى بقي في أصحابه الذين جاؤوا معه من مكة وقابلهم الحر بن يزيد من قبل ابن زياد ليحضر الحسين ومن معه إلى ابن زياد ولكن الحسين أبى عليه ذلك فلم يقتله الحر وظل يسايره حتى لا يدخل الكوفة حتى كانوا قريبا من نينوى جاء كتاب ابن زياد إلى الحر أن ينزل الحسين بالعراء بغير ماء ثم جاء جيش عمر بن سعد بن أبي وقاص كذلك للحسين إما أن يبايع وإما أن يرى ابن زياد فيه رأيه وعرض الحسين عليهم إما أن يرجع إلى الأرض التي جاء منها أو يسيح بالأرض الواسعة إلى أن يرى ما يصير أمر الناس إليه فلم يقبلوا منه شيئا من ذلك وأرسل ابن زياد طائفة أخرى معها كتاب إلى عمر بن سعد أن ائت بهم أو قاتلهم ثم لما كان اليوم العاشر من محرم التقى الصفان وذكرهم الحسين مرة أخرى بكتبهم له بالقدوم فأنكروا ذلك ووعظهم فأبوا فاقتتلوا قتالا شديدا ومال الحر إلى الحسين وقاتل معه وكان آخر من بقي من أصحاب الحسين سويد بن أبي المطاع الخثعمي، وكان أول من قتل من آل بني أبي طالب يومئذٍ علي الأكبر ابن الحسين ومكث الحسين طويلاً من النهار كلما انتهى إليه رجل من الناس رجع عنه وكره أن يتولى قتله وعظم إثمه عليه، ثم إن رجلاً من كندة يقال له مالك بن النسير أتاه فضربه على رأسه بالسيف فقطع البرنس وأدمى رأسه وامتلأ البرنس دماً ودعا الحسين بابنه عبد الله وهو صغير فأجلسه في حجره، فرماه رجل من بني أسد فذبحه واشتد عطش الحسين فدنا من الفرات ليشرب فرماه حصين بن نمير بسهم فوقع في فمه فجعل يتلقى الدم بيده ورمى به إلى السماء، ثم حمد الله وأثنى عليه ثم قال: اللهم إني أشكو إليك ما يصنع بابن بنت نبيك! اللهم أحصهم عدداً، واقتلهم بدداً، ولا تبق منهم أحداً! قيل الذي رماه رجل من بني أبان بن دارم ومكث طويلاً من النهار، ولو شاء الناس أن يقتلوه لقتلوه ولكنهم كان يتقي بعضهم ببعض ويحب هؤلاء أن يكفيهم هؤلاء، فنادى شمر في الناس: ويحكم ماذا تنتظرون بالرجل؟ اقتلوه ثكلتكم أمهاتكم! فحملوا عليه من كل جانب، فضرب زرعة بن شريك التميمي على كفه اليسرى، وضرب أيضاً على عاتقه، ثم انصرفوا عنه وهو يقوم ويكبو، وحمل عليه في تلك الحال سنان بن أنس النخعي فطعنه بالرمح فوقع، وقال لخولي بن يزيد الأصبحي: احتز رأسه، فأراد أن يفعل فضعف وأرعد، فقال له سنان: فت الله عضدك! ونزل إليه فذبحه واحتز رأسه فدفعه إلى خولي، وسلب الحسين ما كان عليه، فأخذ سراويله بحر بن كعب وأخذ قيس بن الأشعث قطيفته، وهي من خز، فكان يسمى بعد قيس قطيفة، وأخذ نعليه الأسود الأودي، وأخذ سيفه رجل من دارم، ومال الناس على الفرش والحلل والإبل فانتهبوها، ونهبوا ثقله ومتاعه ووجد بالحسين ثلاث وثلاثون طعنة وأربع وثلاثون ضربة غير الرمية وكان عدة من قتل من أصحاب الحسين اثنين وسبعين رجلاً، ودفن الحسين وأصحابه أهل الغاضرية من بني أسد بعد قتلهم بيوم، ولما قتل الحسين أرسل رأسه ورؤوس أصحابه إلى ابن زياد مع خولي بن يزيد وحميد بن مسلم الأزدي وقيل: بل الذي حمل الرؤوس كان شمر وقيس بن الأشعث وعمرو بن الحجاج وعروة بن قيس. فرضي الله عن الحسين بن علي وأرضاه.
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظراً لاشتماله على أكثر من عام هجري أحياناً