بقي الاستعمار الفرنسي في الجزائر قائما وأخذ أشكالا جديدة فبدأ ينشر الجهل ويحارب اللغة العربية وينشر الرذيلة والفواحش بين المسلمين، ولكن أبقى الله في الأمة بقية تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر فكان من المصلحين الشيخ عبدالحميد باديس الذي كان يلقي دروسا في التفسير في مسجد سيدي الأخضر بقسنطينة والتف حوله الكثير واشتد ساعده، وقام بدعوة العلماء لتوحيد الكلمة فحضر مائة وتسعون من علماء المصر واتفق الجميع على تأسيس جمعية العلماء المسلمين وتولى هو رئاستها وفتحت هذه الجمعية المدارس للناشئة وأصدرت جريدة المرصاد، وأخذ الشيخ عبدالحميد الحمل على الفرنسيين، وبالمقابل جهدت فرنسا للإيقاع بالجمعية حيث كانت تغتال سرا بعض العلماء المعارضين لهذه الجمعية وتتهم بهذا الفعل الجمعية، ثم انشق عن الجمعية بعض الذين استاؤوا من محاضرة الطيب العقبي التي تكلم فيها على أصحاب الطرق فانشقوا وألفوا جمعية علماء أهل السنة وجريدتهم البلاغ الجزائري، وارتفع أمر ابن باديس في الجزائر، وقد قام وفد برئاسته بالذهاب إلى فرنسا وتقديم مطالب الشعب الجزائري للحكومة الفرنسية ومنها إلغاء كافة القوانين والقرارات الاستثنائية بالجزائر، وإلغاء الحكم العام في الجزائر، واشتراك الجزائريين في الهيئة الانتخابية، ويكون لهم نواب في المجلس النيابي الفرنسي، وعدم التمييز بين الفرنسيين والجزائريين مع الاحتفاظ بالهوية الإسلامية، واستقلال الدين الإسلامي عن الحكومة الفرنسية، وجعل اللغة العربية لغة الدراسة، ورفضت مطالبهم جملة، وزادت فرنسا من توسيع الشقاق بمساعدة أصحاب الطرق والاغتيالات السرية واتهام جمعية المسلمين بها كما فعلت بالشيخ عمر بن دالي الذي جعلته إمام الجامع الكبير في قسنطينة ثم طلبت منه الهجوم على الوفد الذي سافر لفرنسا ثم دفعت من قتله حيث سلم نفسه بعد فترة واعترف بكل المخطط، ثم لما توفي ابن باديس ١٣٥٩هـ تولى محمد بشير الإبراهيمي رئاسة الجمعية.
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظراً لاشتماله على أكثر من عام هجري أحياناً