وقعت غزوة بني النضير بعد غزوة أحد، قال ابن القيم:(وزعم محمد بن شهاب الزهري أن غزوة بني النضير كانت بعد بدر بستة أشهر، وهذا وهم منه أو غلط عليه، بل الذي لا شك فيه أنها كانت بعد أحد، والتي كانت بعد بدر بستة أشهر هي غزوة بني قينقاع .. ). قال ابن كثير: وكان سبب ذلك - أي وقوع غزوة بني النضير - فيما ذكره أصحاب المغازي والسَير:(أنه لما قُتِل أصحابُ بئر معونة، من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانوا سبعين، وأفلت منهم عمرو بن أمية الضمري، فلما كان في أثناء الطريق راجعًا إلى المدينة قتل رجلين من بني عامر، وكان معهما عهد من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمان لم يعلم به عمرو، فلما رجع أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ... فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بني النضير يستعينهم في دية ذينك الرجلين، وكانت منازل بني النضير ظاهر المدينة على أميال منها شرقيها. قال محمد بن إسحاق بن يسار في كتابه السيرة: ثم خرج رسول الله إلى بني النضير، يستعينهم في دية ذينك القتيلين من بني عامر، اللذين قتل عمرو بن أمية الضمري؛ للجوار الذي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم عقد لهما .... فلما أتاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يستعينهم في دية ذينك القتيلين قالوا: نعم، يا أبا القاسم، نعينك على ما أحببت، مما استعنت بنا عليه. ثم خلا بعضهم ببعض فقالوا: إنكم لن تجدوا الرجل على مثل حاله هذه - ورسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جنب جدار من بيوتهم- فَمَن رجل يعلو على هذا البيت، فيلقي عليه صخرة، فيريحنا منه؟ فانتدب لذلك عمرو بن جحاش بن كعب أحدُهم، فقال: أنا لذلك، فصعَدَ ليلقي عليه صخرة كما قال، ورسول الله صلى الله عليه وسلم في نفر من أصحابه، فيهم أبو بكر وعمر وعلي، رضي الله عنهم. فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم الخبر من السماء بما أراد القوم، فقام وخرج راجعًا إلى المدينة، فلما استلبث النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه قاموا في طلبه فلقوا رجلا مقبلا من المدينة، فسألوه عنه، فقال: رأيته داخلا المدينة. فأقبل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى انتهوا إليه، فأخبرهم الخبر بما كانت يهود أرادت من الغدر به، وأمر رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بالتهيؤ لحربهم والمسير إليهم. ثم سار حتى نزل بهم فتحصنوا منه في الحصون، فأمر رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بقطع النخل والتَّحريق فيها. فنادوه: أن يا محمد، قد كنت تنهى عن الفساد وتعيبه على من صنعه، فما بال قطع النخل وتحريقها؟ وقد كان رهط من بني عوف بن الخزرج، منهم عبد الله ابن أبي بن سلول، ووديعة، ومالك بن أبي قوقل، وسُوَيد وداعس، قد بعثوا إلى بني النضير: أن اثبتوا وتَمَنَّعوا فإنا لن نسلمكم، إن قوتلتم قاتلنا معكم، وإن أخرجتم خَرَجنا معكم فتربصوا ذلك من نصرهم، فلم يفعلوا، وقذف الله في قلوبهم الرعب، فسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجليهم)، وقد ثبت في البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أجلى بني النضير. وفيهم نزلت سورة الحشر.
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظراً لاشتماله على أكثر من عام هجري أحياناً