لقد كانت السودان مرتبطة بمصر وتعد جزء منها فحاكمهما واحد وسلطانهما واحد فهي تابعة إداريا لمصر، ولكن هذا الارتباط كان يشكل أحيانا عقبة أمام المصريين في مباحثاتهم مع الإنكليز بشأن الجلاء عن مصر، وربما كان الإنكليز يضعون مثل هذه العقبات، ورأى الحكام الجدد بعد انقلاب ١٣٧١هـ في مصر أن علاج مشكلة السودان كفيل بحل مشكلة الجلاء عن مصر، فقامت الحكومة بتقديم مذكرة للحكومة البريطانية بشأن الحكم الذاتي للسودان وحق تقرير مصيره، وتضمنت بنودا يتحصل من ورائها السودان على الحكم الذاتي، ثم جرت محادثات محمد نجيب - ستفنسون بشأن حق الشعب السوداني في تقرير مصيره، ثم أصدر القانون العام التفصيلي للحكم الذاتي الكامل في السودان، وأنهت لجنة السودنة مهمتها وأبلغت حكومة السودان دولتي الحكم الثنائي بقرار الجمعية التأسيسية بالرغبة في مزاولة حق تقرير المصير وقبلت الدولتان مصر وإنكلترا قرار اللجنة، وفي ٢٤ ربيع الأول ١٣٧٥هـ / ٩ تشرين الثاني ١٩٥٥م جلت قوات الدولتين المصرية والإنكليزية عن الأراضي السودانية نهائيا، وتركت الحكومة المصرية جميع الأسلحة الثقيلة الخاصة بها إلى السودان، وفي ٥ جمادى الأولى / ١٩ كانون الأول أصدر مجلس النواب السوداني قرارا يقضي بأن يعد جلاء الجيوش عن أرضه استقلالا له فلا حاجة إلى إجراء استفتاء لاختيار نوع الحكم وأعلنت الحكومة السودانية قيام الجمهورية السودانية وأبلغت الدولتين بذلك ودعت لانتخاب جمعية تأسيسية لتضع الدستور النهائي للسودان.
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظراً لاشتماله على أكثر من عام هجري أحياناً