[خلع السلطان محمد بن قلاوون نفسه وتنصيب بيبرس مكانه.]
العام الهجري:٧٠٨
الشهر القمري:ذو القعدة
العام الميلادي:١٣٠٩
تفاصيل الحدث:
لما استقر الملك ناصر بالكرك وعزم على الإقامة بها بعد أن خرج من مصر على أنه يريد الحج، كتب كتابا إلى الديار المصرية يتضمن عزل نفسه عن المملكة، فأثبت ذلك على القضاة بمصر، وكان قد اشتد حنقه، وصار في غاية الحصر من تحكم بيبرس وسلار عليه، وعدم تصرفه ومنعه من كل ما يريد حتى إنه ما يصل إلى ما يشتهي أكله لقلة المرتب، فلولا ما كان يتحصل له من أوقاف أبيه لما وجد سبيلاً إلى بلوغ بعض أغراضه، فكانت مدة سلطنة الملك الناصر هذه عشر سنين وخمسة أشهر وسبعة عشر يوماً، ثم نفذ على قضاة الشام وبويع الأمير ركن الدين بيبرس الجاشنكير في السلطنة في الثالث والعشرين من شوال يوم السبت بعد العصر، بدار الأمير سيف الدين سلار، اجتمع بها أعيان الدولة من الأمراء وغيرهم وبايعوه وخاطبوه بالملك المظفر، وركب إلى القلعة ومشوا بين يديه، وجلس على سرير المملكة بالقلعة، ودقت البشائر وسارت البريدية بذلك إلى سائر البلدان، وفي مستهل ذي القعدة وصل الأمير عز الدين البغدادي إلى دمشق فاجتمع بنائب السلطنة والقضاة والأمراء والأعيان بالقصر الأبلق فقرأ عليهم كتاب الناصر إلى أهل مصر، وأنه قد نزل عن الملك وأعرض عنه، فأثبته القضاة وامتنع الحنبلي من إثباته وقال: ليس أحد يترك الملك مختارا، ولولا أنه مضطهد ما تركه، فعزل وأقيم غيره، واستحلفهم للسلطان الملك المظفر، وكتبت العلامة على القلعة، وألقابه على محال المملكة، ودقت البشائر وزينت البلد، ولما قرئ كتاب الملك الناصر على الأمراء بالقصر، وفيه: إني قد صحبت الناس عشر سنين ثم اخترت المقام بالكرك، تباكى جماعة من الأمراء وبايعوا كالمكرهين، وتولى مكان الأمير ركن الدين بيبرس الجاشنكير الأمير سيف الدين بن علي، ويذكر أن أصل بيبرس هذا من مماليك الملك المنصور قلاوون البرجية، وكان شركسي الجنس، ولم نعلم أحداً ملك مصر من الشراكسة قبله إن صح أنه كان شركسياً.
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظراً لاشتماله على أكثر من عام هجري أحياناً