[خلع السلطان الظاهر تمربغا الظاهري وتسلطن الأشرف قايتباي المحمودي.]
العام الهجري:٨٧٢
الشهر القمري:رجب
العام الميلادي:١٤٦٨
تفاصيل الحدث:
في الخامس من رجب حصل بين المماليك الأجلاب وبعض الأمراء مناوشات وكان عند السلطان جماعة من خجداشيته الأمراء، والسلطان ومن عنده كالمأسورين في يد الأجلاب، ثم تفرقت الأجلاب إلى الأطباق بقلعة الجبل، ولبسوا آلة الحرب وعادوا إلى القصر بقوة زائدة وأمر كبير، وتوجه بعضهم لإحضار الخليفة، وتوجه بعضهم لنهب الحريم السطاني بداخل الدور، دخل على السلطان ثلاثة أنفار من الجلبان ملبسة وهم ملثمون، وأرادوا منه أن يقوم وينزل إلى المخبأة التي تحت الخرجة، فامتنع قليلاً، ثم قام معهم مخافة من الإخراق، وأخذوه وأنزلوه إلى المخبأة من غير إخراق ولا بهدلة، وأنزلوا فرشاً ومقعداً، ونزل معه بعض مماليكه وبعض الأجلاب أيضاً، وأغلقوا عليه الطابقة، وأخذوا النمجة والدرقة والفوطة ودفعوهم إلى خير بك، بعد أن أطلقوا عليه اسم السلطان، وباس له الأرض جماعة من أعيان الأمراء، وقيل إنهم لقبوه بالملك العادل، كل ذلك بلا مبايعة ولا إجماع الكلمة على سلطنته، بل بفعل هذه الأجلاب الأوباش، غير أن خيربك لما أخذ النمجة والدرقة حدثته نفسه بالسلطنة، وقام وأبعد في تدبير أمره وتحصين القلعة، وبينما هو في ذلك فر عنه غالب أصحابه الكبار مثل خشكلدي ومغلباي وغيرهما، فعند ذلك لم يجد خيربك بداً من الإفراج عن الملك الظاهر تمربغا ومن معه من خجداشيته ومماليكه، فأخرجوهم ونزل خيربك على رجل الملك الظاهر تمربغا يقبلها، ويبكي ويسأله العفو عنه، وقد أبدى من التضرع أنواعاً كثيرة، فقبل السلطان عذره، هذا وقد جلس السلطان الملك الظاهر تمربغا موضع جلوس السلطان على عادته، وأخذ النمجة والدرقة، وقد انهزم غالب الأجلاب، ونزلوا من القلعة لا يلوي أحد منهم على أحد؛ كل ذلك والأتابك قايتباي بمن معه من الأمراء بالرملة، فلما تم جلوس الملك الظاهر تمربغا بالقصر على عادته، أمر من كان عنده من أكابر الأمراء بالنزول إلى الأتابك قايتباي لمساعدته؛ ولما تم أمر الأتابك قايتباي من قتال الأجلاب وانتصر، طلع من باب السلسلة، وجلس بمقعد الإسطبل بتلك العظمة الزائدة فكلمه بعض الأمراء في السلطنة، وحسنوا له ذلك، فأخذ يمتنع امتناعاً ليس بذاك، إلى أن قام بعضهم وقبل الأرض له، وفعل غيره كذلك، فامتنع بعد ذلك أيضاً، فقالوا: ما بقي يفيد الامتناع، وقد قبلنا لك الأرض، فإما تذعن وإما نسلطن غيرك، فأجاب عند ذلك، فلما تم أمر الأتابك قايتباي في السلطنة، طلع الأمير يشبك من مهدي الظاهري الكاشف بالوجه القبلي إلى الملك الظاهر تمربغا، وعرفه بسلطنة قايتناي، وأخذه ودخل به إلى خزانة الخرجة الصغيرة فكانت مدة سلطنته ثمانية وخمسين يوما، وحضر الخليفة والقضاة، وبايعوا الأتابك قايتباي بالسلطنة ولبس خلعة السلطنة السواد الخليفي ونودي في الحال بسلطنته بشوارع القاهرة، وتلقب بالملك الأشرف قايتباي المحمودي ويذكر أن أصله شركسي الجنس، جلب من بلاده إلى الديار المصرية في حدود سنة تسع وثلاثين وثمانمائة، فاشتراه الملك الأشرف برسباي، ولم يجر عليه عتقاً، وجعله بطبقة الطازية من أطباق قلعة الجبل إلى أن ملكه الملك الظاهر جقمق، وأعتقه.
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظراً لاشتماله على أكثر من عام هجري أحياناً