في أول هذه السنة قصد السلطان ألب أرسلان، ما وراء النهر، وصاحبه شمس الملك تكين، فعقد على جيحون جسراً وعبر عليه في نيف وعشرين يوماً، وعسكره يزيد على مائتي ألف فارس، فأتاه أصحابه بمستحفظ قلعة يعرف بيوسف الخوارزمي، في سادس شهر ربيع الأول، وحمل إلى قرب سريره مع غلامين، فقال له يوسف: يا مخنث! مثلي يقتل هذه القتلة؟ فغضب السلطان ألب أرسلان، وأخذ القوس والنشاب، وقال للغلامين: خلياه! ورماه بسهم فأخطأه، ولم يكن يخطئ سهمه، فوثب يوسف يريده، والسلطان على سدة، فلما رأى يوسف يقصده قام عن السدة ونزل عنها، فعثر، فوقع على وجهه، فبرك عليه يوسف وضربه بسكين كانت معه في خاصرته، وكان سعد الدولة واقفاً، فجرحه يوسف أيضاً جراحات، ونهض ألب أرسلان فدخل إلى خيمة أخرى، وضرب بعض الفراشين يوسف بمرزبة على رأسه، فقتله وقطعه الأتراك، ولما جرح السلطان قال: ما من وجه قصدته، وعدو أردته، إلا استعنت بالله عليه، ولما كان أمس صعدت على تل، فارتجت الأرض تحتي من عظم الجيش وكثرة العسكر، فقلت في نفسي: أنا أملك الدنيا، وما يقدر أحد علي، فعجزني الله تعالى بأضعف خلقه، وأنا أستغفر الله تعالى، وأستقيله من ذلك الخاطر. فتوفي عاشر ربيع الأول من السنة، فحمل إلى مرو ودفن عند أبيه، وكانت مدة ملكه منذ خطب له بالسلطنة إلى أن قتل تسع سنين وستة أشهر وأياماً، ولما وصل خبر موته إلى بغداد جلس الوزير فخر الدولة بن جهير للعزاء به في صحن السلام.
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظراً لاشتماله على أكثر من عام هجري أحياناً