لما دخل السلطان أبو عبدالله محمد الشيخ السعدي إلى فاس سنة ست وخمسين وتسعمائة وقبض على بني وطاس بها فر أبو حسون هذا إلى ثغر الجزائر حقنا لدمه ومستجيشا لتركها ومستجيشا على السعدي وكان الترك قد استولوا على المغرب الأوسط وانتزعوه من يد بني زيان فلم يزل أبو حسون عندهم يفتل لهم في الغارات والسنام ويحسن لهم بلاد المغرب الأقصى ويعظمها في أعينهم ويقول:"إن المتغلب عليها قد سلبني ملكي وملك آبائي وغلبني على تراث أجدادي فلو ذهبتم معي لقتاله لكنا نرجو الله تعالى أن يتيح لنا النصر عليه ويرزقنا الظفر به ولا تعدمون أنتم مع ذلك منفعة من ملء أيديكم غنائم وذخائر". ووعدهم بمال جزيل فأجابوه إلى ما طلب وأقبلوا معه في جيش كثيف تحت راية باشاهم صالح التركماني المعروف بصالح رئيس إلى أن اقتحموا حضرة فاس بعد حروب عظيمة ومعارك شديدة وفر عنها محمد الشيخ السعدي إلى منجاته وكان دخول السلطان أبي حسون إلى فاس ثالث صفر من هذه السنة (٩٦١) ولما دخلها فرح به أهلها فرحا شديدا وترجل هو عن فرسه وصار يعانق الناس كبيرا وصغيرا شريفا ووضيعا ويبكي على ما دهمه وأهل بيته من أمر السعديين واستبشر الناس بمقدمه وتيمنوا بطلعته وقبض على كبير فاس يومئذ القائد أبي عبدالله محمد بن راشد الشريف الإدريسي واطمأنت به الدار ثم لم يلبث السلطان أبو حسون إلا يسيرا حتى كثرت شكاية الناس إليه بالترك وأنهم مدوا أيديهم إلى الحريم وعاثوا في البلاد فبادر بدفع ما اتفق معهم عليه من المال وأخرجهم عن فاس.
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظراً لاشتماله على أكثر من عام هجري أحياناً