دخل أبو طاهر القُرمطيُّ إلى الكوفة، وكان سبب ذلك أنّ أبا طاهر أطلقَ مَن كان عنده من الأسرى الذين كان أسرهم من الحجّاج، وفيهم ابن حمدان وغيره، وأرسل إلى المقتدر يطلب البصرة والأهواز، فلم يجبه إلى ذلك، فسار من هَجَر يريد الحاجّ، وكان جعفر بن ورقاء الشيبانيُّ متقلّداً أعمال الكوفة وطريق مكّة، فلمّا سار الحُجّاج من بغداد سار جعفر بين أيديهم خوفاً من أبي طاهر، ومعه ألف رجل من بني شيبان، وسار مع الحُجّاج من أصحاب السلطان ثَمل صاحب البحر، وجنّيّ الصفوانيُّ، وطريف السبكريُّ وغيرهم، في ستّة آلاف رجل، فلقي أبو طاهر القُرمطيُّ جعفراً الشيبانيَّ، فقاتله جعفر، فبينما هو يقاتله إذ طلع جمع من القرامطة عن يمينه، فانهزم من بين أيديهم، فلقي وقد انحدرت من العقبة، فردّهم إلى الكوفة ومعهم عسكر الخليفة، وتبعهم أبو طاهر إلى باب الكوفة، فقاتلهم، فانهزم عسكر الخليفة، وقتل منهم، وأسر جنّيّاً الصفوانيَّ، وهرب الباقون والحُجّاج من الكوفة، ودخلها أبو طاهر، وأقام ستّة أيّام بظاهر الكوفة يدخل البلد نهاراً فيقيم في الجامع إلى الليل، ثمّ يخرج يبيت في عسكره، وحمل منها ما قدر على حمله من الأموال والثياب وغير ذلك، وعاد إلى هَجَر، ودخل المنهزمون بغداد، فتقدّم المقتدر إلى مؤنس المظفَّر بالخروج إلى الكوفة، فسار إليها، فبلغها وقد عاد القرامطة عنها، فاستخلف عليها ياقوتاً، وسار مؤنس إلى واسط خوفاً عليها من أبي طاهر، وخاف أهل بغداد، وانتقل الناس إلى الجانب الشرقيّ؛ ولم يحجّ في هذه السنة من الناس أحد.
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظراً لاشتماله على أكثر من عام هجري أحياناً