عاود تتش العصيان، وكان أصحابه يؤثرون الاختلاط، فحسنوا له مفارقة طاعة أخيه، فأجابهم، وسار معهم، فملك مرو الروذ وغيرها إلى قلعة تقارب سرخس وهي لمسعود ابن الأمير ياخز، وقد حصنها جهده، فحصروه بها، ولم يبق غير أخذها منه، فاتفق أبو الفتوح الطوسي، صاحب نظام الملك، وهو بنيسابور، وعميد خراسان، وهو أبو علي، على أن يكتب أبو الفتوح ملطفاً إلى مسعود بن ياخز، وكان خط أبي الفتوح أشبه شيء بخط نظام الملك، يقول فيه: كتبت هذه الرقعة من الري يوم كذا، ونحن سائرون من الغد نحوك، فاحفظ القلعة، ونحن نكبس العدو في ليلة كذا، فاستدعيا فيجاً يثقون به، وأعطياه دنانير صالحة، وقالا: سر نحو مسعود، فإذا وصلت إلى المكان الفلاني فأقم به ونم وأخف هذا الملطف في بعض حيطانه، فستأخذك طلائع تتش، فلا تعترف لهم حتى يضربوك، فإذا فعلوا ذلك وبالغوا فأخرجه لهم وقل: إنك فارقت السلطان بالري ولك منا الحباء والكرامة، ففعل ذلك، وجرى الأمر على ما وصفا، وأحضر بين يدي تتش وضرب، وعرض على القتل، فأظهر الملطف وسلمه إليهم، وأخبرهم أنه فارق السلطان ونظام الملك بالري في العساكر، وهو سائر، فلما وقفوا على الملطف، وسمعوا كلام الرجل، وساروا من وقتهم، فنزل مسعود وأخذ ما في المعسكر، وورد السلطان إلى خراسان بعد ثلاثة أشهر، ولولا هذا الفعل لنهب تتش إلى باب الري، ولما وصل السلطان قصد تتش وأخذه، وكان قد حلف له بالأيمان أنه لا يؤذيه، ولا يناله منه مكروه، فأفتاه بعض من حضر بأن يجعل الأمر إلى ولده أحمد، ففعل ذلك، فأمر أحمد بكحله، فكحل وسجن.
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظراً لاشتماله على أكثر من عام هجري أحياناً