سار فخر الدولة بن ركن الدولة من الري إلى همذان، عازماً على قصد العراق والاستيلاء عليها، فلما توفي شرف الدولة علم أن الفرصة قد أتت، وكان الصاحب بن عباد قد ضع على فخر الدولة من يعظم عنده ملك العراق، فتجهز وسار إلى همذان، وأتاه بدر بن حسنويه، وقصده دبيس بن عفيف الأسدي، فاستقر الأمر على أن يسير الصاحب بن عباد وبدر إلى العراق على الجادة، ويسير فخر الدولة على خوزستان. فلما سار الصاحب حذر فخر الدولة من ناحيته، وقيل له ربما استماله أولاد عضد الدولة، فاستعاده إليه، وأخذه معه إلى الأهواز فملكها، وأساء السيرة مع جندها، وضيق عليهم، ولم يبذل الماء، فخابت ظنون الناس فيه، وكذلك أيضاً عسكره، وقالوا: هكذا يفعل بنا إذا تمكن من إرادته، فتخاذلوا، وكان الصاحب قد أمسك نفسه تأثراً بما قيل عنه من اتهامه، فالأمور بسكوته غير مستقيمة. فلما سمع بهاء الدولة بوصولهم إلى الأهواز سير إليهم العساكر، والتقوا هم وعساكر فخر الدولة، فاتفق أن دجلة الأهواز زادت ذلك الوقت زيادة عظيمة وانفتحت البثوق منها، فظنها عسكر فخر الدولة مكيدة، فانهزموا، فقلق فخر الدولة من ذلك، وكان قد استبد برأيه، فعاد حينئذ إلى رأي الصاحب، فأشار ببذل المال، واستصلاح الجند، وقال له: إن الرأي في مثل هذه الأوقات إخراج المال وترك مضايقة الجند، فإن أطلقت المال ضمنت لك حصول أضعافه بعد سنة. فلم يفعل ذلك، وتفرق عنه كثير من عسكر الأهواز، واتسع الخرق عليه، وضاقت الأمور به، فعاد إلى الري، وقبض في طريقه على جماعة من القواد الرازيين، وملك أصحاب بهاء الدولة الأهواز.
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظراً لاشتماله على أكثر من عام هجري أحياناً