كان عسكر البدري يحاصر العمادية وبها زنكي، فلما عاد العسكر عنها قويت نفسه، وفارقها، وعاد إلى قلعة العقر التي له ليتسلط على أعمال الموصل بالصحراء، فإنه كان قد فرغ من بلد الجبل، وأمده مظفر الدين بطائفة كثيرة من العسكر. ولما اتصل الخبر ببدر الدين سير طائفة من عسكره إلى أطراف الموصل يحمونها، فأقاموا على أربعة فراسخ من الموصل، ثم إنهم اتفقوا بينهم على المسير إلى زنكي، وهو عند العقر في عسكره، ومحاربته؛ ففعلوا ذلك، ولم يأخذوا أمر بدر الدين بل أعلموه بمسيرهم جريدة ليس معهم إلا سلاحهم، ودواب يقاتلون عليها، فساروا ليلتهم، وصبحوا زنكي بكرة الأحد لأربع بقين من المحرم من سنة ست عشرة وستمائة، فالتقوا واقتتلوا تحت العقر، وعظم الخطب بينهم، فانتصر العسكر البدري، وانهزم عماد الدين وعسكره، وسار إلى إربل منهزماً، وعاد العسكر البدري إلى منزلته التي كان بها، وحضرت الرسل من الخليفة الناصر لدين الله ومن الملك الأشرف في تجديد الصلح، فاصطلحوا، وتحالفوا بحضور الرسل.
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظراً لاشتماله على أكثر من عام هجري أحياناً