إن الناصر داود صاحب الكرك لما ضاقت به الأمور استخلف ابنه الملك المعظم شرف الدين عيسى، وأخذ معه جواهره، وسار في البر إلى حلب مستجيراً بالملك الناصر يوسف بن الملك العزيز فأنزله وأكرمه وسير الناصر بجواهره إلى الخليفة المستعصم بالله، لتكون عنده وديعة، فقبض الخليفة ذلك، وسير إليه الخط بقبضه وأراد الناصر بذلك أن يكون الجوهر في مأمن، فإذا احتاج إليه طلبه، وكانت قيمته ما ينيف على مائة ألف دينار، فحنق ولدا الناصر - وهما الملك الظاهر شادي والملك الأمجد حسن - على أبيهما، لكونه قدم عليهما المعظم، وقبضا على المعظم، واستوليا على الكرك وأقام الملك - الظاهر شادي وهو أسن إخوته - بالكرك وسار الملك الأمجد حسن إلى الملك الصالح نجم الدين، فوصل إلى العسكر بالمنصورة، يوم السبت لتسع مضين من جمادى الآخرة، وبشره بأنه هو وأخوه الظاهر أخذا الكرك له، فأكرمه السلطان، وأعطاه مالاً كثيراً، وسير الطواشي بدر الدين الصوابي إلى الكرك نائباً بها وبالشوبك، فتسلمها بدر الدين، وسير أولاد الناصر داود جميعهم، وأخويه الملك القاهر عبد الملك، والملك المغيث عبد العزيز، ونساءهم وعيالاتهم كلها، إلى المعسكر بالمنصورة، فأقطعهم السلطان إقطاعاً جليلاً، ورتب لهم الرواتب، وأنزل أولاد الناصر في الجانب الغربي قبالة المنصورة، وكان استيلاء نائب السلطان على الكرك يوم الاثنين، لاثنتي عشرة بقيت من جمادى الآخرة، وسر السلطان بأخذ الكرك سروراً عظيماً، وأمر فزينت القاهرة ومصر، وضربت البشائر بالقلعتين، وجهز السلطان إلى الكرك ألف ألف دينار مصرية، وجواهر وذخائر وأسلحة، وشيئاً كثيراً مما يعز عليه.
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظراً لاشتماله على أكثر من عام هجري أحياناً