كان بنو دبيس قد قتلوا أبا الغنائم بن مزيد أخا أبي الحسن في حرب بينهم وحالت الأيام بينه وبين الأخذ بثأره، ثم تجهز لقصدهم بعد ذلك، وجمع العرب، والشاذنجان، والجوانية، وغيرهما من الأكراد وسار إليهم، فلما قرب منهم خرجت زوجته ابنة دبيس وقصدت أخاها مضر بن دبيس ليلاً، وقالت له: قد أتاكم ابن مزيد فيما لا قبل لكم به، وهو يقنع منكم بإبعاد نبهان قاتل أخيه، فأبعدوه، وقد تفرقت هذه العساكر. فأجابها أخوها مضر إلى ذلك، وامتنع أخوه حسان. فلما سمع ابن مزيد بما فعلته زوجته أنكره، وأراد طلاقها، فقالت له: خفت أن أكون في هذه الحرب بين فقد أخٍ حميم، أو زوج كريم، ففعلت ما فعلت رجاء الصلاح؛ فزال ما عنده منها، وتقدم إليهم، وتقدموا إليه بالحلل والبيوت، فالتقوا واقتتلوا، واشتد القتال لما بين الفريقين من الدخول، فظفر ابن مزيد بهم، وهزمهم وقتل حسان ونبهان ابني دبيس، واستولى على البيوت والأموال، ولحق من سلم من الهزيمة بالحويزة, ولما ظفر بهم رأى عندهم مكاتبات فخر الملك يأمرهم بالجد في أمره، ويعدهم النصرة، فعاتبه على ذلك، وحصل بينهما نفرة، ودعت فخر الملك الضرورة إلى تقليد ابن مزيد الجزيرة الدبيسية، واستثنى مواضع منها: الطيب وقرقوب وغيرهما، وبقي أبو الحسن هناك إلى جمادى الأولى, ثم إن مضر بن دبيس جمع جمعاً، وكبس أبا الحسن ليلاً، فهرب في نفرٍ يسير، واستولى مضر على حلله وأمواله، وكل ماله، ولحق أبو الحسن ببلد النيل منهزماً.
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظراً لاشتماله على أكثر من عام هجري أحياناً