للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[خروج يلبغا اليحياوي نائب دمشق عن طاعة السلطان وتحريضه بقية النواب على خلعه.]

العام الهجري:٧٤٧

الشهر القمري:جمادى الأولى

العام الميلادي:١٣٤٦

تفاصيل الحدث:

انشغل السلطان بملذاته وملاهيه وأعرض عن تدبير الأمور، فتمردت المماليك، وأخذوا حرم الناس، وقطعوا الطريق، وفسدت عدة من الجواري، وكثرت الفتن بسبب ذلك حتى بلغ السلطان، فلم يعبأ بهذا، وقال: " خلوا كل أحد يعمل ما يريد "، وقد تظاهر الناس بكل قبيح، فاشتد الأمر على الناس بديار مصر وبلاد الشام، وكثر دعاؤهم لماهم فيه من السخر والمغارم، وتنكرت قلوب الأمراء، وكثرت الإشاعة بتنكر السلطان على الأمير يلبغا اليحياوي نائب الشام، وأنه يريد مسكه حتى بلغه ذلك فاحترز على نفسه وبلغ الأمير يلبغا اليحياوي قتل يوسف أخي السلطان، وقوة عزم السلطان على سفر الحجاز موافق لأغراض نسائه، فجمع أمراء دمشق، وحلفهم على القيام معه، وبرز إلى ظاهر دمشق في نصف جمادى الأولى وأقام هناك وحضر إليه الأمير طرنطاي البشمقدار نائب حمص، والأمير أراق الفتاح نائب صفد، والأمير أستدمر نائب حماة، والأمير بيدمر البدري نائب طرابلس، فاجتمعوا جميعاً ظاهر دمشق مع عسكرها، وكتبوا بخلع الملك الكامل، وظاهروا بالخروج عن طاعته، وكتب الأمير يلبغا اليحياوي نائب الشام إلى السلطان: " إني أحد الأوصياء عليك، وإن مما قاله الشهيد رحمه الله لي وللأمراء في وصيته، إذا أقمتم أحداً من أولادي ولم ترتضوا سيرته جروه برجله، وأخرجوه، وأقيموا غيره، وأنت أفسدت المملكة، وأفقرت الأمراء والأجناد، وقتلت أخاك، وقبضت على أكابر أمراء السلطان الشهيد، واشتغلت عن الملك، والتهيت بالنساء وشرب الخمر: وصرت تبيع أخبار الأجناد بالفضة " وذكر الأمير يلبغا اليحياوي له أموراً فاحشة عملها، فقدم كتابه في يوم الجمعة العشرين من جمادى الأولى، فلما قرأه السلطان الكامل تغير تغيراً زائداً، وكتب الكامل الجواب يتضمن التلطف في القول، وأخرج الأمير منجك على البريد إلى الأمير يلبغا اليحياوي في ثاني عشريه، ليرجعه عما عزم عليه، فكثرت القالة بين الناس بخروج نائب الشام عن الطاعة حتى بلغ الأمراء، والمماليك، فطلب الأمراء إلى القلعة، وأخذ رأيهم، فوقع الاتفاق على خروج العسكر إلى الشام مع الأمير أرقطاي، وقدم كتاب نائب الشام أيضاً - وفيه خط أمير مسعود بن خطير، وأمير علي بن قراسنقر، وقلاوون، وحسام الدين البقشمدار - يتضمن: " أنك لا تصلح للملك، وأنك أنما أخذته بالغلبة من غير رضى الأمراء "، وعدد ما فعله، ثم قال: " ونحن ما بقينا نصلح لك، وأنت فما تصلح لنا، والمصلحة أن تعزل نفسك "، فاستدعى السلطان الكامل الأمراء، وحلفهم على طاعته، ثم أمرهم بالسفر إلى الشام، فخرجوا من الغد، ثم إن منجك ساعة وصوله دمشق قبض عليه يلبغا اليحياوي نائب الشام، وسجنه بالقلعة، فبعث السلطان الطواشي سرور الزينى لإحضار أخويه أمير حاجي وأمير حسين؛ فاعتذر بوعكهما، وبعثت أمهاتهما إلى الأمير أرغون العلائي والأمير الحجازي يسالأنهما في التلطف مع السلطان في أمرهما، ثم عرف الأمير أرغون العلائي والأمير ملكتمر الحجازي بما جرى للسلطان من تخوفه منهما فتوحش خاطر كل منهما، وانقطع العلائي عن الخدمة وتعلل، وأخذت المماليك أيضاً في التنكر على السلطان، وكاتب بعضهم الأمير يبلغا اليحياوي نائب الشام، واتفقوا بأجمعهم حتى اشتهر أمرهم وتحدثت به العامة؛ ووافقهم الأمير قراسنقر.

(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظراً لاشتماله على أكثر من عام هجري أحياناً

<<  <  ج: ص:  >  >>