استهلت سنة خمس وسبعين، ووقع بين الملك الأشرف وبين زوج أمه ألجاي اليوسفي كلام من أجل التركة المتعلقة بخوند بركة, وكان ذلك يوم الثلاثاء سادس المحرم من هذه السنة وكثر الكلام بين السلطان وبين ألجاي اليوسفي، حتى غضب ألجاي، وخرج عن طاعة الملك الأشرف، ولبس هو ومماليكه آلة الحرب، ولبست مماليلك السلطان أيضاً، وركب السلطان بمن معه من أمرائه وخاصكيته، وباتوا الليلة لابسين السلاح إلى الصباح، فلما كان نهار الأربعاء سابع المحرم كانت الوقعة بين الملك الأشرف شعبان وبين زوج أمه الأتابك ألجاي اليوسفي، فتواقعوا إحدى عشرة مرة، وعظم القتال بينهما حتى كانت الوقعة الحادية عشرة انكسر فيها ألجاي اليوسفي وانهزم إلى بركة الحبش، ثم تراجع أمره وعاد بمن معه من على الجبل الأحمر إلى قبة النصر، فطلبه السلطان الملك الأشرف، فأبى، فأرسل إليه خلعة بنيابة حماة فقال: أنا أروح، بشرط أن يكون كل ما أملكه وجميع مماليكي معي، فأبى السلطان ذلك، وباتوا تلك الليلة، فهرب جماعة من مماليك ألجاي في الليل وجاؤوا إلى الملك الأشرف، فلما كان صباح يوم الخميس ثامن المحرم أرسل السلطان الأمراء والخاصكية ومماليك أولاده وبعض المماليك السلطانية إلى قبة النصر إلى حيث ألجاي، فلما رآهم ألجاي هرب، فساقوا خلفه إلى الخرقانية، فلما رأى ألجاي أنه مدرك رمى بنفسه وفرسه إلى البحر، ظنا أنه يعدي به إلى ذلك البر، وكان ألجاي عواماً، فثقل عليه لبسه وقماشه، فغرق في البحر وخرج فرسه، وبلغ الخبر السلطان الملك الأشرف فشق عليه موته وتأسف عليه، ثم أمر بإخراجه من النيل، فنزل الغواصون وطلعوا به وأحضروه إلى القلعة في يوم الجمعة تاسع المحرم في تابوت وتحته لباد أحمر، فغسل وكفن، وصلى عليه الشيخ جلال الدين التباني، ودفن في القبة التي أنشأها بمدرسته برأس سويقة العزي خارج القاهرة.
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظراً لاشتماله على أكثر من عام هجري أحياناً