لما توجه المسلمون من ساحل بولاق، مروا على دمياط إلى طرابلس، وتوجهوا منها في بضع وأربعين مركباً إلى جزيرة الماغوصة، فخيموا في برها الغربي، وقد خاف متملكها، وبعث بطاعته للسلطان، فبلغهم تهيؤ صاحب قبرص للقائهم، واستعداده لمحاربتهم، فباتوا بمخيمهم على الماغوصة ليلة الأحد العشرين من شهر رمضان. وشنو من الغد - يوم الأحد - الغارات على ما في غربي قبرص من الضياع، وعادوا بغنائم كثيرة، بعد ما قتلوا وأسروا وحرقوا. ثم أقلعوا ليلة الأربعاء يريدون الملاحة، وتركوا في البر أربعمائة من الرجال، يسيرون بحذائهم، فقتلوا وأسروا وحرقوا. ثم ركبوا البحر وقد وافاهم الفرنج صباحا في عشرة أغربة وقرقورة، فلم يثبتوا وانهزموا من غير حرب. فأرسى المسلمون بساحل الملاحة. وقاتلوا الفرنج قتالاً شديداً، وهزموهم. وباءوا ليلة الجمعة خامس عشرينه، فأقبل بكرة يوم الجمعة خامس عشرينه عسكر قبرص، وعليهم أخو الملك، فقاتله نصف العسكر الإسلامي أشد قتال وهزموه بعد ما كادوا أن يؤخذوا، وقتلوا من الفرنج مقتلة كبيرة وأخرجوا الخيول من المركب إلى البر في ليلة السبت وساروا بكرة يوم السبت يقتلون ويأسرون ويحرقون القرى، حتى ضاقت مراكبهم عن حمل الأسرى، وامتلأت أيديها بالغنائم، فكتب الأمير جرباش الكريمي - حاجب الحجاب ومقدم العساكر المجاهدة - إلى الأمير قصروه نائب طرابلس بذلك، بصحبة قاصد، بعثة من الغزاة ليأتيه بخبرهم فكتب الأمير قصروه كتاباً إلى السلطان وفي طيه كتاب جرباش إليه. ثم إن العسكر خاف من متملك قبرص، فإنه قد جمع واستعد، فرأى جرباش أن يعود بهم، فسار حتى أرسى على الطينة قريباً من قطيا، ومن دمياط.
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظراً لاشتماله على أكثر من عام هجري أحياناً