للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[فتح سومنات في الهند.]

العام الهجري:٤١٦

الشهر القمري:شعبان

العام الميلادي:١٠٢٥

تفاصيل الحدث:

كان لأهل الهند صنم يعظمونه أشد التعظيم ويقدمون له من القرابين ما لا يقدم لصنم غيره، وكان يمين الدولة كلما فتح من الهند فتحاً، وكسر صنماً يقول الهنود: إن هذه الأصنام قد سخط عليها سومنات، ولو أنه راض عنها لأهلك من تقصدها بسوء، فلما بلغ ذلك يمين الدولة عزم على غزوه وإهلاكه، ظناً منه أن الهنود إذا فقدوه، ورأوا كذب ادعائهم الباطل، دخلوا في الإسلام، فاستخار الله تعالى وسار عن غزنة عاشر شعبان، في ثلاثين ألف فارس من عساكره سوى المتطوعة، وسلك سبيل الملتان، فوصلها منتصف شهر رمضان، وقصد أنهلوارة فوصلها مستهل ذي القعدة، فرأى صاحبها المدعو بهيم قد أجفل عنها وتركها وأمعن في الهرب وقصد حصناً له يحتمي به فاستولى يمين الدولة على المدينة، وسار إلى سومنات، فلقي في طريقه عدة حصون فيها كثير من الأوثان شبه الحجاب والنقباء لسومنات، على ما سول لهم الشيطان، فقاتل من بها، وفتحها وخربها، وكسر أصنامها، وسار إلى سومنات في مفازة قفرة قليلة الماء، فوصلها يوم الخميس منتصف ذي القعدة، فرأى حصناً حصيناً مبنياً على ساحل البحر بحيث تبلغه أمواجه، وأهله على الأسوار يتفرجون على المسلمين، واثقين أن معبودهم يقطع دابرهم ويهلكهم، فلما كان من الغد، وهو يوم الجمعة، زحف وقاتل من به، فرأى الهنود من المسلمين قتالاً لم يعهدوا مثله، ففارقوا السور، فنصب المسلمون عليه السلاليم، وصعدوا إليه، وأعلنوا بكلمة الإخلاص، وأظهروا شعار الإسلام، فحينئذ اشتد القتال، وعظم الخطب وتقدم جماعة الهنود إلى سومنات، فعفروا له خدودهم، وسألوه النصر، وأدركهم الليل فكف بعضهم عن بعض، ولما كان الغد بكر المسلمون إليهم وقاتلوهم، فأكثروا في الهنود القتل، وأجلوهم عن المدينة إلى بيت صنمهم سومنات، فقاتلوا على بابه أشد قتال، وكان الفريق منهم بعد الفريق يدخلون إلى سومنات فيعتنقونه ويبكون، ويتضرعون إليه، ويخرجون فيقاتلون إلى أن يقتلوا، حتى كاد الفناء يستوعبهم، فبقي منهم القليل، فدخلوا البحر إلى مركبين لهم لينجوا فيهما، فأدركهم المسلمون فقتلوا بعضاً وغرق بعض، وأما البيت الذي فيه سومنات فهو مبني على ست وخمسين سارية من الساج المصفح بالرصاص، وسومنات من حجر طوله خمسة أذرع: ثلاثة مدورة ظاهرة، وذراعان في البناء، وليس بصورة مصورة، فأخذه يمين الدولة فكسره، وأحرق بعضه، وأخذ بعضه معه إلى غزنة، فجعله عتبة الجامع، ثم إن يمين الدولة ورد عليه الخبر أن بهيم صاحب أنهلوارة قد قصد قلعة تسمى كندهة في البحر، بينها وبين البر من جهة سومنات أربعون فرسخاً، فسار إليها يمين الدولة من سومنات، وخاض البحر هو ومن معه، فخرجوا سالمين، فرأوا بهيم وقد فارق قلعته وأخلاها فعاد عنها، وقصد المنصورة، وكان صاحبها قد ارتد عن الإسلام، فلما بلغه خبر مجيء يمين الدولة فارقها واحتمى بغياض أشبة، فقصده يمين الدولة من موضعين، فأحاط به وبمن معه، فقتل أكثرهم، وغرق منهم كثير، ولم ينج منهم إلا القليل، ثم سار إلى بهاطية، فأطاعه أهلها، ودانوا له، فرحل إلى غزنة، فوصلها عاشر صفر من سنة سبع عشرة وأربعمائة.

(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظراً لاشتماله على أكثر من عام هجري أحياناً

<<  <  ج: ص:  >  >>