كان الخليفة أرسل وهو ببغداد إلى ناصر الدولة بن حمدان نائب الموصل يستمده ويستحثه على البريدي، فأرسل ناصر الدولة أخاه سيف الدولة عليا في جيش كثيف، فلما كان بتكريت إذا الخليفة وابن رائق قد هربا فرجع معهما سيف الدولة إلى أخيه، وخدم سيف الدولة الخليفة خدمة كثيرة، ولما وصلوا إلى الموصل خرج عنها ناصر الدولة فنزل شرقها، وأرسل التحف والضيافات، ولم يجئ إلى الخليفة خوفا من الغائلة من جهة ابن رائق، فأرسل الخليفة ولده أبا منصور ومعه ابن رائق للسلام على ناصر الدولة، فصارا إليه فأمر ناصر الدولة أن ينثر الذهب والفضة على رأس ولد الخليفة، وجلسا عنده ساعة، ثم قاما ورجعا، فركب ابن الخليفة وأراد ابن رائق أن يركب معه، فقال له ناصر الدولة: اجلس اليوم عندي حتى نفكر فيما نصنع في أمرنا هذا، فاعتذر إليه بابن الخليفة واستراب بالأمر وخشي، فقبض ابن حمدان بكمه فجبذه ابن رائق منه فانقطع كمه، وركب سريعا فسقط عن فرسه فأمر ناصر الدولة بقتله فقتل، وذلك يوم الاثنين لسبع بقين من رجب منها، فأرسل الخليفة إلى ابن حمدان فاستحضره وخلع عليه ولقبه ناصر الدولة يومئذ، وجعله أمير الأمراء، وخلع على أخيه أبي الحسن ولقبه سيف الدولة يومئذ، ولما بلغ خبر مقتله إلى بغداد فارق أكثر الأتراك أبا الحسين البريدي لسوء سيرته، وقبح سريرته قبحه الله، وقصدوا الخليفة وابن حمدان فتقوى بهم، وركب هو والخليفة إلى بغداد، فلما اقتربوا منها هرب عنها أبو الحسين أخو البريدي فدخلها المتقي ومعه بنو حمدان في جيوش كثيرة، وذلك في شوال، ففرح المسلمون فرحا شديدا.
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظراً لاشتماله على أكثر من عام هجري أحياناً