يوسف بن قزاغلي بن عبد الله أبو المظفر الحنفي البغدادي ثم الدمشقي، المشهور بسبط ابن الجوزي، فإن أمه هي رابعة بنت الشيخ جمال الدين أبي الفرج بن الجوزي الواعظ المشهور، وقد كان حسن الصورة طيب الصوت حسن الوعظ كثير الفضائل والمصنفات، وله كتاب التاريخ الشهير (مرآة الزمان في تاريخ الأعيان) وهو من أحسن التواريخ، نظم فيه المنتظم لجده وزاد عليه وذيل إلى زمانه وله كتاب (تفسير للقرآن) وله (شرح الجامع الكبير) في الفقه الحنفي وله كتاب (مناقب أبي حنيفة)، قدم دمشق في حدود الستمائة وحظي عند ملوك بني أيوب، وقدموه وأحسنوا إليه، وكان له مجلس وعظ كل يوم السبت بكرة النهار عند باب مشهد علي بن الحسين زين العابدين، وقد كان الناس يبيتون ليلة السبت بالجامع ويتركون البساتين في الصيف حتى يسمعوا ميعاده، ثم يسرعون إلى بساتينهم فيتذاكرون ما قاله من الفوائد والكلام الحسن، على طريقة جده، ودرس السبط أيضا بالشبلية التي بالجبل عند جسر كحيل، وفوض إليه البدرية التي قبالتها، فكانت سكنه، وبها توفي ليلة الثلاثاء الحادي والعشرين من ذي الحجة من هذه السنة، وحضر جنازته سلطان البلد الناصر بن العزيز فمن دونه، وقد أثنى عليه الشيخ شهاب الدين أبو شامة في علومه وفضائله ورياسته وحسن وعظه وطيب صوته ونضارة وجهه، وتواضعه وزهده وتودده، وكانت جنازته حافلة حضرها السلطان والناس، ودفن هناك، وقد كان فاضلا عالما ظريفا منقطعا منكرا على أرباب الدول ما هم عليه من المنكرات، وقد كان مقتصدا في لباسه مواظبا على المطالعة والاشتغال والجمع والتصنيف، منصفا لأهل العلم والفضل، مباينا لأولي الجهل، وتأتي الملوك وأرباب المناصب إليه زائرين وقاصدين، وربي في طول زمانه في حياة طيبة وجاه عريض عند الملوك والعوام نحو خمسين سنة، وكان مجلس وعظه مطربا، وصوته فيما يورده حسنا طيبا، رحمه الله تعالى.
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظراً لاشتماله على أكثر من عام هجري أحياناً