سار بغا إلى تفليس وحاصرها ووجه إليها زيرك التركي، فجاز نهر الكر، ومدينة تفليس على حافته، وصغدبيل على جانبه الشرقي، فلما عبر النهر نزل بميدان تفليس، ووجه بغا أيضاً أبا العباس الوارثي النصراني إلى أهل أرمينية عربها وعجمها فأتى تفليس مما يلي باب المرفص، فخرج إسحاق بن إسماعيل مولى بني أمية من تفليس إلى زيرك، فقابله عند الميدان، ووقف بغا على تل مشرف ينظر ما يصنع زيرك وأبو العباس، فدعا بغا النفاطين، فضربوا المدينة بالنار، فأحرقوها وهي من خشب الصنوبر. وأقبل إسحاق بن إسماعيل إلى المدينة، فرأى قد أحرقت قصره وجواريه وأحاطت به، فأتاه الأتراك، والمغاربة، فأخذوه أسيراً وأخذوا ابنه عمرا فأتوا بهما بغا فأمر بإسحاق فضربت عنقه، وصلبت جثته على نهر الكر، وكان شيخاً محدورا ضخم الرأس، أحول، واحترق بالمدينة نحو خمسين ألف إنسان، وأسروا من سلم من النار، وسلبوا الموتى. وأخذ أهل إسحاق ما سلم من ماله بصغدبيل، وهي مدينة حصينة حذاء تفليس بناها كسرى أنوشروان، وحصنها إسحاق، وجعل أمواله فيها مع امرأته ابنة صاحب السرير. ثم إن بغا وجه زيرك إلى قلعة الحرزمان، وهي بين برذعة وتفليس، في جماعة من جنده ففتحها وأخذ بطريقها أسيراً؛ ثم سار بغا إلى عيسى ابن يوسف، وهو في قلعة كبيش، في كورة البيلقان، ففتحها وأخذه فحمله، وحمل معه أبا العباس الوارثي، واسمه سنباط بن أشوط، وحمل معاوية بن سهل بن سنباط بطريق أران.
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظراً لاشتماله على أكثر من عام هجري أحياناً