أول هذه السنة وصل طائفة من التتر من عند ملكهم جنكيزخان، وهؤلاء غير الطائفة الغربية، وكان من سلم من أهلها قد عادوا إليها وعمروها، فلم يشعروا بالتتر إلا وقد وصلوا إليها، فلم يمتنعوا عنهم، فوضعوا في أهلها السيف وقتلوهم كيف شاؤوا، ونهبوا البلد وخربوه، وساروا إلى ساوة ففعلوا بها كذلك، ثم إلى قم وقاشان، وكانتا قد سلمتا من التتر أولاً، فإنهم لم يقربوهما، ولا أصاب أهلهما أذى، فأتاهما هؤلاء وملكوهما، وقتلوا أهلهما، وخربوها، وألحقوهما بغيرهما من البلاد الخراب، ثم ساروا في البلاد يخربون ويقتلون وينهبون، ثم قصدوا همذان، وكان قد اجتمع بها كثير ممن سلم من أهلها، فأبادوهم قتلاً وأسراً ونهباً، وخربوا البلد، وكانوا لما وصلوا إلى الري رأوا بها عسكراً كثيراً من الخوارزمية، فكبسوهم وقتلوا منهم، وانهزم الباقون إلى أذربيجان، فنزلوا بأطرافها، فلم يشعروا إلا والتتر أيضاً قد كبسوهم ووضعوا السيف فيهم، فولوا منهزمين، فوصل طائفة منهم إلى تبريز، وأرسلوا إلى صاحبها أوزبك بن البهلوان يقولون: إن كنت موافقنا فسلم إلينا من عندك من الخوارزمية، وإلا فعرفنا أنك غير موافق لنا، ولا في طاعتنا؛ فعمد إلى من عنده من الخوارزمية فقتل بعضهم وأسر بعضهم، وحمل الأسرى والرؤوس إلى التتر، وأنفذ معها من الأموال والثياب والدواب شيئاً كثيراً، فعادوا عن بلاده نحو خراسان، فعلوا هذا وليسوا في كثرة؛ كانوا نحو ثلاثة آلاف فارس، وكان الخوارزمية الذين انهزموا منهم نحو ستة آلاف راجل، وعسكر أوزبك أكثر من الجميع، ومع هذا فلم يحدث نفسه ولا الخوارزمية بالامتناع منهم.
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظراً لاشتماله على أكثر من عام هجري أحياناً