سنة ثلاث وستين ملك أتسز الرملة، والبيت المقدس، وحصر مدينة دمشق، فلما عاد عنها جعل يقصد أعمالها كل سنة عند إدراك الغلات فيأخذها، فيقوى هو وعسكره، ويضعف أهل دمشق وجندها، فلما كان رمضان سنة سبع وستين وأربعمائة سار إلى دمشق فحصرها، وأميرها المعلى بن حيدرة من قبل الخليفة المستنصر، فلم يقدر عليها، فانصرف عنها في شوال، فهرب أميرها المعلى في ذي الحجة، وكان سبب هربه أنه أساء السيرة مع الجند والرعية وظلمهم، فكثر الدعاء عليه، وثار به العسكر، وأعانهم العامة، فهرب منها إلى بانياس، ثم منها إلى صور، ثم أخذ إلى مصر فحبس بها، فمات محبوساً، فلما هرب من دمشق اجتمعت المصادمة، وولوا عليهم انتصار بن يحيى المصمودي، المعروف برزين الدولة، وغلت الأسعار بها حتى أكل الناس بعضهم بعضاً، ووقع الخلف بين المصامدة وأحداث البلد، وعرف أتسز ذلك، فعاد إلى دمشق، فنزل عليها في شعبان من هذه السنة، فحصرها، فعدمت الأقوات، فبيعت الغرارة، إذا وجدت، بأكثر من عشرين ديناراً، فسلموها إليه بأمان، وعوض عنها بقلعة بانياس، ومدينة يافا من الساحل، ودخلها هو وعسكره في ذي القعدة، وخطب بها يوم الجمعة لخمس بقين من ذي القعدة، للمقتدي بأمر الله الخليفة العباسي، وكان آخر ما خطب فيها للعلويين المصريين، وتغلب على أكثر الشام، ومنع الأذان بحي على خير العمل، ففرح أهلها فرحاً عظيماً، وظلم أهلها، وأساء السيرة فيهم.
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظراً لاشتماله على أكثر من عام هجري أحياناً