للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الاقتتال بين ولدي حاكم مصر العبيدي (الفاطمي).]

العام الهجري:٥٢٨

العام الميلادي:١١٣٣

تفاصيل الحدث:

عهد الحافظ إلى ولده سليمان، وكان أسن أولاده وأحبهم إليه، وأقامه ليسد مكان الوزير فمات بعد ولاية العهد بشهرين، ثم جعل ابنه حيدرة أبو تراب ولي عهده ونصبه للنظر في المظالم، فشق ذلك على أخيه أبي علي حسن لأنه كان يروم ذلك فوقعت الفتنة بين الطائفية الجيوشية أصحاب حسن والطائفة الريحانية أصحاب حيدرة، وكانت شوكة الريحانية قوية والجند يشنئونهم خوفا منهم فاشتعلت نيران الحرب بين الفريقين؛ والتقى العسكران؛ فقتل بينهم ما يزيد على خمسة آلاف رجل. فكانت أول مصيبة نزلت بالدولة من فقد رجالها ونقص عدد عساكرها؛ ولم يسلم من الريحانية إلا من ألقى نفسه في بحر النيل من ناحية المقس. واستظهر حسن وصار الأمر إليه، فانضم له أوباش العسكر وزعارهم، وفرق فيهم الزرد وسماهم صبيان الزرد، وصاروا لا يفارقونه ويحفون به إذا ركب، ويلازمون داره إذا نزل، فقامت قيامة الناس، وقبض على ابن العساف وقتله واختفى منه الحافظ وحيدرة؛ وجد في طلب حيدرة. وهتك بالأوباش الذين اختارهم حرمة القصر وخرق ناموسه من كونه نغص على أبيه وأخيه، وصاروا يحسنون له كل رذيلة، ويحرضونه على أذى الناس، فأخذ الحافظ في تلافي الأمر مع حسن لينصلح؛ وعهد إليه بالخلافة في يوم الخميس لأربع بقين من شهر رمضان، وأركبه بالشعار، ونعت بولي عهد المؤمنين. وكتب له بذلك سجلاً قرئ على المنابر، فلم يزده ذلك إلا شراً وتعديا؛ فضيق على أبيه وبالغ في مضرته. فسير الحافظ وفي الدولة إسحاق، أحد الأستاذين المحنكين، إلى الصعيد ليجمع ما قدر عليه من الريحانية فمضى واستصرخ على حسن، وجمع من الأمم ما لا يعلمه إلا الله؛ وسار بهم. فبلغ ذلك حسناً، فجهز إليه عسكراً عرمرماً وخرج؛ فالتقى الجمعان. وهبت ريح سوداء في وجوه الواصلين، وركبهم عسكر حسن، فلم يفلت منهم إلا القليل، وغرق أكثرهم في البحر وقتلوا؛ وأخذ الأستاذ إسحاق وأدخل إلى القاهرة على جمل برأسه طرطور لبد أحمر. فلما وصل بين القصرين رمى بالنشاب حتى مات، ورمي إليهم من القصر الغربي أستاذ آخر فقتلوه، وقتل الأمير شرف الأمراء، فاشتدت مصيبة الدولة بفقد من قتل من الأمراء الذين كانوا أركان الدولة، وهم أصحاب الرأي والمعرفة، فوهت واختلت لقلة الرجال وعدم الكفاءة، ومن حين قتل حسن الأمراء تخوفه باقي الجند ونفرت نفوسهم منه فإنه كان جريئا عنيفاً بحاثاً عن الناس يريد إقلاب الدولة وتغييرها لتقدم أصحابه، فأكثر من مصادرة الناس.

(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظراً لاشتماله على أكثر من عام هجري أحياناً

<<  <  ج: ص:  >  >>