لما استقر جرجي صاحب صقيلية بالمهدية، سير أسطولاً، بعد أسبوع، إلى مدينة صفاقس، وسير أسطولاً آخر إلى مدينة سوسة، فأما سوسة فإن أهلها لما سمعوا خبر المهدية، وكان واليها علي بن الحسن الأمير، فخرج إلى أبيه، وخرج الناس لخروجه، فدخلها الفرنج بلا قتال ثاني عشر صفر؛ وأما صفاقس فإن أهلها أتاهم كثير من العرب، فامتنعوا بهم، فقاتلهم الفرنج، فخرج إليهم أهل البلد فأظهر الفرنج الهزيمة، وتبعهم الناس حتى أبعدوا عن البلد، ثم عطفوا عليهم، فانهزم قوم إلى البلد وقوم إلى البرية، وقتل منهم جماعة، ودخل الفرنج البلد فملكوه بعد قتال شديد وقتلى كثيرة، وأسر من بقي من الرجال وسبي الحريم، وذلك في الثالث والعشرين من صفر، ثم نودي بالأمان، فعاد أهلها إليها، وافتكوا حرمهم وأولادهم، ورفق بهم وبأهل سوسة والمهدية، وبعد ذلك وصلت كتب من رجار لجميع أهل إفريقية بالأمان والمواعيد الحسنة. ولما استقرت أحوال البلاد سار جرجي في أسطول إلى قلعة إقليبية، وهي قلعة حصينة، فلما وصل إليها سمعته العرب، فاجتمعوا إليها، ونزل إليهم الفرنج، فاقتتلوا فانهزم الفرنج وقتل منهم خلق كثير، فرجعوا خاسرين إلى المهدية، وصار للفرنج من طرابلس الغرب إلى قريب تونس ومن المغرب إلى دون القيروان.
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظراً لاشتماله على أكثر من عام هجري أحياناً