دخلت الدولة العثمانية في حرب طاحنة دامت ست سنوات مع روسيا (١١٨١ – ١١٨٧ هـ = ١٧٦٨ – ١٧٧٤م)، مُنيت فيها الدولة العثمانية بهزائم أليمة، أجبرتها على عقد معاهدة مخزية في ١٣ من جمادى الأولى من هذه السنة, وهي المعروفة باسم معاهدة كتشك كينجاري وتحققت فيها آمال الروس بأن تحوّل البحر الأسود من بحيرة عثمانية خالصة إلى بحيرة عثمانية روسية، وأصبحت الملاحة الروسية تتمتع بحُرّية التنقل في البحر الأسود دون قيد أو شرط. وتضمنت المعاهدة أن تدفع الدولة العثمانية غرامة لروسيا قدرها ١٥٠٠ كيس من الذهب، وأن يحصل الروس على حق رعاية السكان الأرثوذكس في البلاد العثمانية، وكان من شأن هذا البند أن تتدخل روسيا في شئون الدولة العثمانية بصورة مستمرة. لقاء قيصر روسيا والسفير الإنجليزي لم تكتف روسيا بما حصلت عليه من مكاسب من الدولة العثمانية، وإنما امتد بصرها إلى تمزيق الدولة، وتوزيع ممتلكاتها، وارتفع صوتها بشن حروب صليبية عليها، وكان ساستها يتعجبون من عدم مشاركة الدول الأوروبية لروسيا في حربها الصليبية ضد العثمانيين .. وكشفت المحادثة التي دارت بين نيقولا قيصر روسيا، والسير هاملتون سيمور سفير إنجلترا في القسطنطينية عن سياسة روسيا التوسعية. وقد وصف القيصر الدولة العثمانية بأنها بلد آخذ في الانهيار، وأنها رجل مريض للغاية قد يموت فجأة، ومن الضروري أن يُتّفق على كيفية التصرف في أراضيه قبل وقوعه صريعا، وأشار إلى تسوية الأمر بين إنجلترا وروسيا دون قيام حرب بينهما، وأوضح بصراحة رغبته في استقلال دول البلقان تحت حماية روسيا، وفي الاستيلاء على العاصمة العثمانية، وفي مقابل ذلك تستولي بريطانيا على مصر، لكن هذا المشروع لم يلق نجاحًا أو يجد تجاوبًا من بريطانيا التي كانت ترفض وصول روسيا إلى المضايق.
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظراً لاشتماله على أكثر من عام هجري أحياناً