انتهز الشاه عباس الصفوي فرصة اضطراب الدولة العثمانية وباشر في تخليص عراق العجم واحتل تبريز ووان وغيرهما واستطاع أن يحتل بغداد والأماكن المقدسة الشيعية في النجف وكربلاء والكوفة، وقد زارها وسط مظاهر الإجلال والتقديس، وقد أورد بعض المؤرخين أنه قضى عشرة أيام في زيارته للنجف حيث قام بنفسه بخدمة الحجاج في ذلك المكان كما يذكرون أيضاً أنه إمعاناً في إعلان تمسكه بالمذهب الشيعي وولائه للرفض، وعلى الرغم من تعصبه الشديد للمذهب الشيعي إلا أنه رفع أيدي رجال الدين عن التدخل في شئون الحكم والسياسة ومارس نوعاً من السلطة المطلقة في حكم البلاد، وقد أنزل الشاه عباس الصفوي أقسى أنواع العقاب بأعداء الدولة من السنة فإما أن يقتلوا أو تسمل عيونهم، ولم يكن يتسامح مع أي منهم إلا إذا تخلى عن مذهبه السني وأعلن ولائه للمذهب الشيعي، واضطرت الدولة العثمانية أن تترك للدولة الصفوية الرافضية الشيعية جميع الأقاليم والبلدان والقلاع والحصون التي فتحها العثمانيون في عهد السلطان الغازي سليمان الأول بما فيها مدينة بغداد، وهذه أول معاهدة تركت فيها الدولة بعض فتوحاتها وكانت فاتحة الانحطاط والضعف وأول المعاهدات التي دلت على ضعف الدولة العثمانية، لقد بالغ الشاه عباس الصفوي في عداءه للمذهب السني واتصل بملوك المسيحيين، وإمعاناً في ضرب الدولة العثمانية حامية المذهب السني فقد عقد اتفاقات تعاون مشترك معهم من أجل تقويض أركان الدولة العثمانية السنية، ولم يكن يعبأ حتى إذا قدم العديد من التنازلات للدول الأوروبية تأكيداً لتعاونه معهم انطلاقاً من عدائه للدولة العثمانية، وعامل الشاه عباس الصفوي المسيحيين في إيران معاملة حسنة على عكس معاملته للسنة، وقد كان لمعاملته المتميزة للمسيحيين أن نشطت الحركة التنصيرية المسيحية في إيران كما شجع التجار الأوروبيين في عقد صفقات تجارية كبيرة مع التجار في إيران وأصبحت إيران سوقاً رائجاً للتجارة الأوروبية، لقد توج تسامحه مع المسيحيين بأن أعلن في عام ١٠٠٧هـ, أوامره بعدم التعرض لهم والسماح لهم بحرية التجول في ربوع الدولة الصفوية، وأعطاهم امتيازات ببناء الكنائس المسيحية في كبرى المدن الإيرانية وهذه المعاملة للمسيحيين كانت نكاية في الدولة العثمانية السنية.
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظراً لاشتماله على أكثر من عام هجري أحياناً