لما مات أمير مكة قتادة، وملك بعده ابنه الحسن، وكان له ابن آخر اسمه راجح، مقيم في العرب بظاهر مكة، يفسد، وينازع أخاه في ملك مكة، فلما سار حاج العراق كان الأمير عليهم مملوكاً من مماليك الخليفة الناصر لدين الله اسمه أقباش، وكان حسن السيرة مع الحاج في الطريق، كثير الحماية، فقصده راجح بن قتادة، وبذل له وللخليفة مالاً ليساعده على ملك مكة، فأجابه إلى ذلك، ووصولا إلى مكة، ونزلوا بالزاهر، وتقدم إلى مكة مقاتلاً لصاحبها حسن، وكان حسن قد جمع جموعاً كثيرة من العرب وغيرها، فخرج إليه من مكة وقاتله، وتقدم أمير الحاج من بين يدي عسكره منفرداً، وصعد الجبل إدلالاً بنفسه، وأنه لا يقدم أحد عليه، فأحاط به أصحاب حسن، وقتلوه، وعلقوا رأسه، فانهزم عسكر أمير المؤمنين، وأحاط أصحاب حسن بالحاج لينهبوهم، فأرسل إليهم حسن عمامته أماناً للحجاج، فعاد أصحابه ولم ينهبوا منهم شيئاً وسكن الناس، وأذن لهم حسن في دخول مكة وفعل ما يريدونه من الحج والبيع وغير ذلك، وأقاموا بمكة عشرة أيام، وعادوا، فوصلوا إلى العراق سالمين، وعظم الأمر على الخليفة، فوصلت رسل حسن يعتذرون، ويطلبون العفو عنه، فأجيب إلى ذلك.
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظراً لاشتماله على أكثر من عام هجري أحياناً