كان حفص قد استلم مكان أخيه سليمان بعد أن قتل، فقام في هذه السنة الناصر أمير الأندلس بغزوه في ببشتر وهو متحصن فيها ولما اشتدت المحاصرة على حفص بن عمر بن حفصون بمدينة ببشتر، وأحيط به بالبنيان عليه من كل جانب، ورأى من الجد والعزم في أمره ما علم ألا بقاء له معه في الجبل الذي تعلق فيه، كتب إلى أمير المؤمنين الناصر، يسأله تأمينه والصفح عنه، على أن يخرج عن الجبل مستسلما لأمره، راضيا بحكمه. فأخرج إليه الناصر الوزير أحمد بن محمد بن حدير، وتولى هو وسعيد ابن المنذر إنزاله من مدينة ببشتر. ودخلها رجال أمير المؤمنين الناصر وحشمه، يوم الخميس لسبع بقين من ذي القعدة من السنة. واستنزل حفص وجميع النصارى الذين كانوا معه، وقدم بهم أحمد بن محمد الوزير إلى قرطبة مع أهلهم وولدهم. ودخلها حفص في مستهل ذي الحجة؛ وأوسعه أمير المؤمنين صفحه وعفوه، وصار في جملة حشمه وجنده. وبقي الوزير سعيد بن المنذر بمدينة ببشتر ضابطا لها، وبانيا لما عهد إليه من بنيانه وإحكامه منها.
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظراً لاشتماله على أكثر من عام هجري أحياناً