جرد الأمير عز الدين أيبك الأفرم أمير جاندرا إلى بلاد النوبة، ومعه من الأمراء قبجاق المنصوري وبكتمر الجوكندار وأيدمر والي قوص، وأطلاب كثير من الأمراء، وسائر أجناد المراكز بالوجه القبلي ونواب الولاة، ومن عربان الوجهين القبلي والبحري عدة أربعين ألف راجل، ومعهم متملك النوبة وجريس فساروا في ثامن شوال، وصحبتهم خمسمائة مركب ما بين حراريق ومراكب كبار وصغار تحمل الزاد والسلاح والأثقال، فلما وصلوا ثغر أسوان مات متملك النوبة، فدفن بأسوان، فطالع الأمير عز الدين الأفرم السلطان بموته، فجهز إليه من أولاد أخت الملك داود رجلا كان بالقاهرة ليملكه، فأدرك العسكر على خيل البريد بأسوان وسار معه، وقد انقسموا نصفين: أحدهما الأمير عز الدين الأفرم وقبجاق في نصف العسكر من الترك والعرب في البر الغربي، وسار الأمير أيدمر والي قوص والأمير بكتمر بالبقية على البر الشرقي، وتقدمهم جريش نائب ملك النوبة ومعه أولاد الكنز ليؤمن أهل البلاد ويجهز الإقامات، فكان العسكر إذا قدم إلى بلد خرج إليه المشايخ والأعيان، وقبلوا الأرض وأخذوا الأمان وعادوا، وذلك من بلد الدو إلى جزائر ميكائيل، وهي ولاية جريس وأما ما عدا ذلك من البلاد التي لم يكن لجريس عليها ولاية، من جزائر ميكائيل إلى دنقلة، فإن أهلها جلوا عنها طاعة لمتملك النوبة، فنهبها العسكر وقتلوا من وجدوه بها، ورعوا الزروع وخربوا السواقي إلى أن وصلوا مدينة دنقلة، فوجدوا الملك قد أخلاها حتى لم يسبق بها سوى شيخ واحد عجوز، فأخبر أن الملك نزل بجزيرة في بحر النيل بعدها عن دنقلة خمسة عشر يوماً، فتتبعه والي قوص، ولم يقدر مركب على سلوك النيل هناك لتوعر النيل بالأحجار.
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظراً لاشتماله على أكثر من عام هجري أحياناً