كانت بين يوسف بن أبي الساج وبين أبي طاهر القرمطي عند الكوفة موقعة فسبقه إليها أبو طاهر فحال بينه وبينها، فكتب إليه يوسف بن أبي الساج: اسمع وأطع وإلا فاستعد للقتال يوم السبت تاسع شوال منها، فكتب: هلم. فسار إليه، فلما تراءا الجمعان استقل يوسف جيش القرمطي، وكان مع يوسف بن أبي الساج عشرون ألفا، ومع القرمطي ألف فارس وخمسمائة رجل. فقال يوسف: وما قيمة هؤلاء الكلاب؟ وأمر الكاتب أن يكتب بالفتح إلى الخليفة قبل اللقاء، فلما اقتتلوا ثبت القرامطة ثباتا عظيما، ونزل القرمطي فحرض أصحابه وحمل بهم حملة صادقة، فهزموا جند الخليفة، وأسروا يوسف بن أبي الساج أمير الجيش، وقتلوا خلقا كثيرا من جند الخليفة، واستحوذوا على الكوفة، وجاءت الأخبار بذلك إلى بغداد، وشاع بين الناس أن القرامطة يريدون أخذ بغداد، فانزعج الناس لذلك وظنوا صدقه، فاجتمع الوزير بالخليفة فجهز جيشا أربعين ألف مقاتل مع أمير يقال له بليق، فسار نحوهم، فلما سمعوا به أخذوا عليه الطرقات، فأراد دخول بغداد فلم يمكنه، ثم التقوا معه فلم يلبث بليق وجيشه أن انهزم، فإنا لله وإنا إليه راجعون. وكان يوسف بن أبي الساج معهم مقيدا في خيمة فجعل ينظر إلى محل الوقعة، فلما رجع القرمطي قال: أردت أن تهرب؟ فأمر به فضربت عنقه. ورجع القرمطي من ناحية بغداد إلى الأنبار، ثم انصرف إلى هيت.
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظراً لاشتماله على أكثر من عام هجري أحياناً