[العسكر المصري والشامي يغزو رودس ويعود دون فتحها.]
العام الهجري:٨٤٨
الشهر القمري:ربيع الأول
العام الميلادي:١٤٤٤
تفاصيل الحدث:
في يوم السبت سادس عشر شهر ربيع الأول خرجت الغزاة من القاهرة، فنزلت في المراكب من ساحل بولاق؛ وقصدوا الإسكندرية ودمياط، ليركبوا من هناك البحر المالح، والجميع قصدهم غزو رودس، وكانوا جمعاً موفوراً، ما بين أمراء وخاصكية ومماليك سلطانية ومطوعة، وكان مقدم الجميع في هذه السنة الأمير إينال العلائي الدوادار الكبير، وكانت المماليك السلطانية في هذه الغزوة تزيد عدتهم على ألف مملوك، هذا خارج عمن سافر من المطوعة، وأضاف إليهم السلطان أيضاً جماعة كبيرة من أمراء البلاد الشامية، ورسم لهم السلطان أن يتوجه الجميع إلى طرابلس، ليضاف إليهم العسكر الشامي، ويسير الجميع عسكراً واحداً، ففعلوا ذلك، وسافر الجميع من ثغر دمياط وثغر الإسكندرية، في يوم الخميس حادي عشر شهر ربيع الآخر؛ وساروا من ثغر الإسكندرية ودمياط إلى طرابلس، ثم من طرابلس إلى رودس، حتى نزلوا على برها بالقرب من مدينتها في الخيم، وقد استعد أهلها للقتال، فأخذوا في حصار المدينة، ونصبوا عليها المناجيق والمكاحل، وأرموا على أبراجها بالمكاحل والمدافع، واستمروا على قتال أهل رودس في كل يوم، هذا ومنهم فرقة كبيرة قد تفرقت في قرى رودس وبساتينها ينهبون ويسبون، واستمروا على ذلك أياماً، ومدينة رودس لا تزداد إلا قوة، لشدة مقاتليها ولعظم عمارتها، وقد تأهبوا للقتال وحصنوا رودس بالآلات والسلاح والمقاتلة، وصار القتال مستمراً بينهم في كل يوم، وقتل من الطائفتين خلائق كثيرة، هجم عليهم الفرنج في عدة كبيرة من المراكب، فبرز إليهم يلخجا ومن معه، وقاتلوهم قتالاً عظيماً، حتى نصر الله المسلمين، وانهزم الفرنج وغنم المسلمون منهم، كل ذلك وقتال رودس مستمر في كل يوم، والعساكر في غاية ما يكون من الاجتهاد في قتال رودس، غير أن رودس لا يزداد أمرها إلا قوة، لعظم استعداد أهلها للقتال، ولما كان في بعض الأيام، وقع للمسلمين محنة عظيمة، قتل فيها جماعة كبيرة من أعيان الغزاة من الخاصكية وغيرهم حيث كانوا بائتين في كنيسة فطرقهم الفرنج وقتلوهم، ودام القتال بعد ذلك في كل يوم بين عساكر الإسلام وبين فرنج رودس أياماً كثيرة، ومدينة رودس لا تزداد إلا قوة، فعند ذلك أجمع المسلمون على العود، وركبوا مراكبهم، وعادوا إلى أن وصلوا إلى ثغر الإسكندرية ودمياط، ثم قدموا إلى القاهرة.
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظراً لاشتماله على أكثر من عام هجري أحياناً