قتل إبراهيم الأسداباذي ببغداد، وهرب ابن أخته بهرام إلى الشام، وملكه قلعة بانياس، ومسيره إليها، ولما فارق دمشق أقام له بها خليفة يدعو الناس إلى مذهبه، فكثروا وانتشروا، وملك هو عدة حصون من الجبال منها القدموس وغيره، وكان بوادي التيم، من أعمال بعلبك، وأصحاب مذاهب مختلفة من النصيرية، والدرزية، والمجوس، وغيرهم، وأميرهم اسمه الضحاك، فسار إليهم بهرام سنة اثنتين وعشرين وخمسمائة وحصرهم وقاتلهم، فخرج إليه الضحاك في ألف رجل، وكبس عسكر بهرام فوضع السيف فيهم، وقتل منهم مقتلة كثيرة، وقتل بهرام، وانهزم من سلم، وعادوا إلى بانياس على أقبح صورة، وكان بهرام قد استخلف في بانياس رجلاً من أعيان أصحابه اسمه إسماعيل، فقام مقامه، وجمع شمل من عاد إليه منهم، وبث دعاته في البلاد، وعاضده المزدقاني أيضاً، وقوى نفسه على ما عنده من الامتعاض بهذه الحادثة، والهم بسببها، ثم إن المزدقاني أقام بدمشق عوض بهرام إنساناً اسمه أبو الوفاء، فقوي أمره وعلا شأنه وكثر أتباعه، وقام بدمشق، فصار المستولي على من بها من المسلمين، وحكمه أكثر من حكم صاحبها تاج الملوك. ثم إن المزدقاني راسل الفرنج ليسلم إليهم مدينة دمشق، ويسلموا إليه مدينة صور، واستقر الأمر بينهم على ذلك، وتقرر بينهم الميعاد يوم جمعة ذكروه، وقرر المزدقاني مع الإسماعيلية أن يحتاطوا ذلك اليوم بأبواب الجامع فلا يمكنوا أحداً من الخروج منه ليجيء الفرنج ويملكوا البلاد، وبلغ الخبر تاج الملوك، صاحب دمشق، فاستدعى المزدقاني إليه، فحضر، وخلا معه، فقتله تاج الملوك، وعلق رأسه على باب القلعة، ونادى في البلد بقتل الباطنية، فقتل منهم ستة آلاف نفس، وكان ذلك منتصف رمضان، وكفى الله المسلمين شرهم، ورد على الكافرين كيدهم، ولما تمت هذه الحادثة بدمشق على الإسماعيلية خاف إسماعيل والي بانياس أن يثور به وبمن معه الناس فيهلكوا، فراسل الفرنج، وبذل لهم تسليم بانياس إليهم، والانتقال إلى بلادهم، فأجابوه، فسلم القلعة إليهم، وانتقل هو ومن معه من أصحابه إلى بلادهم، ولقوا شدة وذلة وهواناً، وتوفي إسماعيل أوائل سنة أربع وعشرين وخمسمائة، وكفى الله المؤمنين شرهم.
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظراً لاشتماله على أكثر من عام هجري أحياناً