[وفاة السلطان أرسلان شاه صاحب الموصل وقيام ولده بعده.]
العام الهجري:٦٠٧
الشهر القمري:رجب
العام الميلادي:١٢١١
تفاصيل الحدث:
في أواخر رجب، توفي نور الدين أرسلان شاه بن مسعود بن مودود بن زنكي بن آقسنقر، صاحب الموصل، وكان مرضه قد طال، ومزاجه قد فسد، وكانت مدة ملكه سبع عشرة سنة وأحد عشر شهراً، وكان شهماً شجاعاً، ذا سياسة للرعايا، شديداً على أصحابه، فكانوا يخافونه خوفا شديداً، وكان ذلك مانعاً من تعدي بعضهم على بعض؛ وكان له همة عالية، أعاد ناموس البيت الأتابكي وجاهه، وحرمته، بعد أن كانت قد ذهبت، وخافه الملوك؛ ولما اشتد مرضه وأيس من نفسه أمره الأطباء بالانحدار إلى الحامة المعروفة بعين القيارة، وهي بالقرب من الموصل، فانحدر إليها، فلم يجد بها راحة، وازداد ضعفاً، فأخذه بدر الدين وأصعده في الشبارة إلى الموصل، فتوفي في الطريق ليلاً ومعه الملاحون والأطباء بينه وبينهم ستر، وكان مع بدر الدين، عند نور الدين، مملوكان، فلما توفي نور الدين قال لهما: لا يسمع أحد بموته؛ وقال للأطباء والملاحين: لا يتكلم أحد، فقد نام السلطان؛ فسكتوا، ووصلوا إلى الموصل في الليل، فأمر الأطباء والملاحين بمفارقة الشبارة لئلا يروه ميتاً، وأبعدوا، فحمله هو والمملوكان، وأدخله الدار، وتركه في الموضع الذي كان فيه ومعه المملوكان، ونزل على بابه من يثق به لا يمكن أحداً من الدخول والخروج، وقعد مع الناس يمضي أموراً كان يحتاج إلى إتمامها، فلما فرغ من جميع ما يريده أظهر موته وقت العصر، ودفن ليلاً بالمدرسة التي أنشأها مقابل داره، وضبط البلد تلك الليلة ضبطاً جيداً واستقر الملك لولده، وقام بدر الدين بتدبير الدولة والنظر في مصالحها.
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظراً لاشتماله على أكثر من عام هجري أحياناً