في ثالث عشر ربيع الآخر، قتل المركيس الفرنجي، صاحب صور، وهو أكبر شياطين الفرنج، وقيل في سبب قتله أن صلاح الدين راسل مقدم الإسماعيلية، وهو سنان، وبذل له أن يرسل من يقتل ملك إنكلتار، وإن قتل المركيس فله عشرة آلاف دينار، فلم يمكنهم قتل ملك إنكلتار، ولم يره سنان مصلحة لهم لئلا يخلو وجه صلاح الدين من الفرنج ويتفرغ لهم، وشره في أخذ المال، فعدل إلى قتل المركيس، فأرسل رجلين في زي الرهبان، واتصلا بصاحب صيدا وابن بارزان، صاحب الرملة، وكانا مع المركيس بصور، فأقاما معهما ستة أشهر يظهران العبادة، فأنس بهما المركيس، ووثق بهما، فلما كان بعد التاريخ عمل الأسقف بصور دعوة للمركيس، فحضرها، وأكل طعامه، وشرب مدامه، وخرج من عنده، فوثب عليه الباطنيان المذكوران، فجرحاه جراحاً وثيقة، وهرب أحدهما، ودخل كنيسة يختفي فيها، فاتفق أن المركيس حمل إليها ليشد جراحه، فوثب عليه ذلك الباطني فقتله، وقتل الباطنيان بعده، وقيل بل قتله ملك إنكلتار فوضع له هذا الرجلان فقتلاه لينفرد بملك الساحل الشامي، فلما قتل ولي بعده مدينة صور كند من الفرنج، من داخل البحر، يقال له الكند هري، وتزوج بالملكة في ليلته، ودخل بها وهي حامل، وليس الحمل عندهم مما يمنع النكاح، وهذا الكند هري هو ابن أخت ملك إنكلتار من أمه، وملك الكند هري هذا بلاد الفرنج بالساحل بعد عود ملك إنكلتار.
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظراً لاشتماله على أكثر من عام هجري أحياناً