إن جمعية الاتحاد والترقي وما فعلته في الدولة العثمانية وبدأ الدعوة للقومية التركية أنشأ عند العرب رد فعل معاكس فظهرت القومية العربية أيضا وذكت أوربا وخاصة فرنسا هذا الفكر فأسسوا حزب اللامركزية في أثناء حرب البلقان وهو يعني أن الولايات غير التركية تأخذ استقلالا ذاتيا مع بقائها مرتبطة باستنبول خارجيا وعسكريا وماليا، وقام الفرنسيون بتدريب بعض الرجال قبيل الحرب العالمية الأولى وتشكلت جمعيات سرية تدعو لإقامة دولة عربية واحدة تتحد مع دولة تركية في ظل الخلافة العثمانية، وأسس بعض الطلاب الذين يدرسون في فرنسا جمعية العربية الفتاة وهو يدعون إلى انفصال العرب كليا عن الخلافة العثمانية ونقلوا مقرهم من باريس على بيروت ثم دمشق ودعمتهم فرنسا، ولما شعر الاتحاديون بهذ الخطر واتصال أولئك بالنصارى الأوربيين لجؤوا للقمع فعادت الجمعية العربية الفتاة إلى باريس ودعت لعقد مؤتمر وعقد المؤتمر في باريس عام ١٣٣٢هـ وحضره مندوبون عن بلاد الشام والمقاطعات العربية وعن المهجر وكان عدد الأعضاء النصارى يعادل عدد الأعضاء المسلمين وقدمت فرنسا كافة المساعدات لهذا المؤتمر وحاول الاتحاديون الضغط على فرنسا لإلغاء المؤتمر لكنهم لم يفلحوا، فأرسل الاتحاديون أمين سر جمعية الاتحاد والترقي مدحت شكري فحضر المؤتمر واتفق معهم على أن تكون: اللغة العربية رسمية في الولايات العربية وفي المدارس الابتدائية والثانوية، والخدمة العسكرية في المناطق المحلية، ويكون ثلاثة من الوزراء من العرب وخمسة ولاة وعشرة متصرفين، ونائبان في مجلس الأعيان عن كل ولاية عربية، ووقع هذه الاتفاقية عن الحكومة الاتحادية وزير الداخلية محمد طلعت باشا وعن المؤتمرين العرب عبدالكريم الخليل أما المؤتمرون العرب فكانت مقررات مؤتمرهم: ضرورة القيام بالإصلاح الإداري وبشكل سريع، اشتراك العرب في الإدارة المركزية، تأدية الخدمة الإلزامية محليا، جعل اللغة العربية رسمية، تأييد الأرمن في مطالبهم القومية، ولكن لم يتم شيء مما اتفق عليه لاختلاف الاتحاديين فيما بينهم وتباين آرائهم واندلاع الحرب العالمية بعد ذلك.
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظراً لاشتماله على أكثر من عام هجري أحياناً