كان تتش بن ألب أرسلان صاحب دمشق وما جاورها من بلاد الشام، سار من دمشق إلى أخيه السلطان ملكشاه ببغداد، فلما كان بهيت بلغه موته، فأخذ هيت، واستولى عليها، وعاد إلى دمشق يتجهز لطلب السلطنة، فجمع العساكر، وأخرج الأموال وسار نحو حلب، وبها قسيم الدولة أتسز فرأى قسيم الدولة اختلاف أولاد صاحبه ملكشاه، وصغرهم، فعلم أنه لا يطيق دفع تتش، فصالحه، وصار معه، وأرسل إلى باغي سيان، صاحب أنطاكية، وإلى بوزان، صاحب الرها وحران، يشير عليهما بطاعة تاج الدولة تتش حتى يروا ما يكون من أولاد ملكشاه، ففعلوا، وصاروا معه، وخطبوا له في بلادهم، وقصدوا الرحبة، فحصروها، وملكوها في المحرم من هذه السنة، وخطب لنفسه بالسلطنة، ثم ساروا إلى نصيبين، فحصروها، ففتحها عنوة وقهراً، ثم سلمها إلى الأمير محمد بن شرف الدولة العقيلي، وسار يريد الموصل، وأتاه الكافي بن فخر الدولة بن جهير، وكان في جزيرة ابن عمر، فأكرمه، واستوزره، فلما ملك تتش نصيبين أرسل إليه يأمره أن يخطب له بالسلطنة، ويعطيه طريقاً إلى بغداد لينحدر، ويطلب الخطبة بالسلطنة، فامتنع إبراهيم من ذلك، فسار تتش إليه، وتقدم إبراهيم أيضاً نحوه، فالتقوا بالمضيع، من أعمال الموصل، في ربيع الأول، فحمل العرب على بوزان، فانهزم، وحمل أتسز على العرب فهزمهم، وتمت الهزيمة على إبراهيم والعرب، وأخذ إبراهيم أسيراً وجماعة من أمراء العرب، فقتلوا صبراً، وملك تتش بلادهم الموصل وغيرها، واستناب بها علي بن شرف الدولة مسلم، وأرسل إلى بغداد يطلب الخطبة، وساعده كوهرائين على ذلك، فقيل لرسوله: إنا ننتظر وصول الرسل من العسكر، فعاد إلى تتش بالجواب، فانتهى خبره إلى ابن أخيه ركن الدين بركيارق، وكان قد استولى على كثير من البلاد، منها: الري، وهمذان، وما بينهما، فلما تحقق الحال سار في عساكره ليمنع عمه عن البلاد، فلما تقارب العسكران قال قسيم الدولة أتسز لبوزان: إنما أطعنا هذا الرجل لننظر ما يكون من أولاد صاحبنا، والآن فقد ظهر ابنه، ونريد أن نكون معه. فاتفقا على ذلك وفارقا تتش، وصارا مع بركيارق، فلما رأى تاج الدولة تتش ذلك علم أنه لا قوة له بهم، فعاد إلى الشام، واستقامت البلاد لبركيارق.
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظراً لاشتماله على أكثر من عام هجري أحياناً