سار يوسف بن عبد المؤمن إلى إفريقية، وملك قفصة وكان سبب ذلك أن صاحبها ابن عبد المعز بن المعتز لما رأى دخول الترك إلى إفريقية واستيلائهم على بعضها، وانقياد العرب إليهم، طمع أيضاً في الاستبداد والانفراد عن يوسف وكان في طاعته، فأظهر ما في نفسه وخالفه وأظهر العصيان، ووافقه أهل قفصة، فقتلوا كل من كان عندهم من الموحدين أصحابه وكان ذلك في شوال سنة اثنتين وسبعين وخمسمائة، فأرسل والي بجاية إلى يوسف بن عبد المؤمن يخبره باضطراب أمور البلاد، واجتماع كثير من العرب إلى قراقوش التركي الذي دخل إلى إفريقية فشرع في سد الثغور التي يخافها بعد مسيره، فلما فرغ من جميع ذلك جهز العسكر وسار نحو إفريقية سنة خمس وسبعين، ونزل على مدينة قفصة وحصرها ثلاثة أشهر وهي بلدة حصينة، وأهلها أنجاد، وقطع شجرها، فلما اشتد الأمر على صاحبها وأهلها خرج منها مستخفياً وطلب عفو أمير المؤمنين واعتذر، فرق له يوسف فعفا عنه وعن أهل البلد، وتسلم المدينة أول سنة ست وسبعين وسير علي بن المعز صاحبها إلى بلاد المغرب، فكان فيه مكرماً عزيزاً، وأقطعه ولاية كبيرة؛ ورتب يوسف لقفصة طائفة من أصحابه الموحدين.
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظراً لاشتماله على أكثر من عام هجري أحياناً